الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6454 37 - حدثنا موسى، حدثنا أبو عوانة، حدثنا عبد الملك، عن وراد كاتب المغيرة، عن المغيرة قال: قال سعد بن عبادة: لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أتعجبون من غيرة سعد؟ لأنا أغير منه، والله أغير مني .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إن الذي يفهم من كلام سعد بن عبادة رضي الله تعالى عنه أن هذا الأمر لو وقع له لقتل الرجل، ولهذا لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم لم ينهه عن ذلك، حتى قال الداودي ، قوله صلى الله تعالى عليه وسلم: "أتعجبون من غيرة سعد ؟ " يدل على أنه حمد ذلك، وأجازه له فيما بينه وبين الله، والغيرة من أحمد الأشياء ، ومن لم تكن فيه فليس على خلق محمود، وبالغ أصحابنا في هذا حيث قالوا: رجل وجد مع امرأته أو جاريته رجلا يريد أن يغلبها ويزني بها له أن يقتله، فإن رآه مع امرأته أو مع محرم له [ ص: 22 ] وهي مطاوعة له على ذلك قتل الرجل والمرأة جميعا، ومنهم من منع ذلك مطلقا، فقال المهلب : الحديث دال على وجوب القود فيمن قتل رجلا وجده مع امرأته ؛ لأن الله عز وجل وإن كان أغير من عباده، فإنه أوجب الشهود في الحدود، فلا يجوز لأحد أن يتعدى حدود الله، ولا يسقط دما بدعوى، وروى عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن المغيرة بن النعمان ، عن هانئ بن حرام : أن رجلا وجد مع امرأته رجلا فقتلهما، قال: فكتب عمر رضي الله تعالى عنه كتابا في العلانية أن يقتلوه، وفي السر أن يعطوه الدية .

                                                                                                                                                                                  وموسى شيخ البخاري هو ابن إسماعيل ، وأبو عوانة بفتح العين المهملة هو الوضاح اليشكري ، وعبد الملك هو ابن عمير ، ووراد بفتح الواو، وتشديد الراء: كاتب المغيرة بن شعبة الثقفي ، يروي عن المغيرة بن شعبة .

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في أواخر النكاح في باب الغيرة، ومضى الكلام فيه .

                                                                                                                                                                                  قوله: "غير مصفح" بضم الميم وفتح الصاد المهملة، وفتح الفاء وكسرها، أي ضربته بحد السيف للإهلاك لا بصفحه - وهو عرضه - للإرهاب .

                                                                                                                                                                                  قوله: "من غيرة سعد ؟ " بفتح الغين المعجمة: المنع، أي منع من التعلق بأجنبي بنظر وغيره، وغيرة الله تعالى: منعه عن المعاصي .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية