الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  675 96 - حدثنا إبراهيم بن موسى، قال: أخبرنا الوليد، قال: حدثنا الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أبي قتادة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها، فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة.

                                                                                                                                                                                  ذكر رجاله:

                                                                                                                                                                                  وهم ستة: الأول: إبراهيم بن موسى بن يزيد الفراء أبو إسحاق الرازي، يعرف بالصغير، مر في باب غسل الحائض رأس زوجها، الثاني: الوليد بن مسلم، مر في باب وقت المغرب، الثالث: عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي وقد تكرر ذكره، الرابع: يحيى بن أبي كثير، وقد مر أيضا، الخامس: عبد الله بن أبي قتادة أبو يحيى الأنصاري السلمي، السادس: أبوه الحارث بن ربعي الأنصاري .

                                                                                                                                                                                  (ذكر لطائف إسناده) فيه: التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع، وفيه العنعنة في أربعة مواضع، وفيه القول في موضعين، وفيه عن يحيى، وفي رواية بشر الآتية عن يحيى الأوزاعي : حدثني يحيى، وفيه عن عبد الله بن أبي قتادة في رواية ابن سماع عن الأوزاعي عند الإسماعيلي: حدثني عبد الله بن أبي قتادة، وفيه أن رواته ما بين رازي، ودمشقي، ويماني، ومدني.

                                                                                                                                                                                  ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره

                                                                                                                                                                                  أخرجه البخاري أيضا عن محمد بن مسكين عن بشر بن بكر، وأخرجه أبو داود في الصلاة أيضا عن دحيم عن عمر بن عبد الواحد، وبشر بن بكر، وأخرجه النسائي فيه عن سويد بن نصر عن ابن المبارك عن الأوزاعي، وأخرجه ابن ماجه فيه عن دحيم به.

                                                                                                                                                                                  (ذكر معناه) قوله: ( إني لأقوم في الصلاة أريد )، وفي رواية بشر بن بكر : لأقوم إلى الصلاة وأنا أريد، والواو في وأنا أريد للحال، وقوله: (أريد) أيضا في موضع الحال. قوله: ( أن أطول ) أن مصدرية أي أريد التطويل في الصلاة. قوله: ( بكاء الصبي ) البكاء إذا مددت أردت به الصوت الذي يكون معه، وإذا قصرت أردت خروج الدمع، وهاهنا ممدود لا محالة بقرينة فأسمع إذ السماع لا يكون إلا في الصوت. قوله: ( فأتجوز ) أي فأخفف، وقال ابن سابط: التجوز هنا يراد به تقليل القراءة، والدليل عليه ما رواه ابن أبي شيبة حدثنا وكيع عن سفيان [ ص: 246 ] عن أبي السوداء النهدي، عن ابن سابط أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ في الركعة الأولى بسورة نحو ستين آية، فسمع بكاء صبي فقرأ في الثانية بثلاث آيات، قلت: ابن سابط هو عبد الرحمن بن عبد الله بن سابط الجمحي، مات بمكة سنة ثمان عشرة ومائة. قوله: ( كراهية ) بالنصب على التعليل مضاف إلى أن المصدرية.

                                                                                                                                                                                  (ذكر ما يستفاد منه) استدل به بعضهم على جواز إدخال الصبي في المسجد، وقال بعضهم: فيه نظر لاحتمال أن يكون الصبي كان مخلفا في بيت يقرب من المسجد، قلت: ليس هذا موضع النظر لأن الظاهر أن الصبي لا يفارق أمه غالبا، وفيه دلالة على جواز صلاة النساء مع الرجال، وفيه دلالة على كمال شفقة النبي عليه الصلاة والسلام - على أصحابه، ومراعاة أحوال الكبير منهم والصغير، وبه استدل بعض الشافعية على أن الإمام إذا كان راكعا فأحس بداخل يريد الصلاة معه ينتظره ليدرك معه فضيلة الركعة في جماعة، وذلك أنه إذا كان له أن يحذف من طول الصلاة لحاجة الإنسان في بعض أمور الدنيا كان له أن يزيد فيها لعبادة الله تعالى بل هذا أحق وأولى، وقال القرطبي : ولا دلالة فيه لأن هذا زيادة عمل في الصلاة بخلاف الحذف، وقال ابن بطال : وممن أجاز ذلك الشعبي، والحسن، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وقال آخرون: ينتظر ما لم يشق على أصحابه، وهو قول أحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وقال مالك : لا ينتظر لأنه يضر من خلفه، وهو قول الأوزاعي، وأبي حنيفة، والشافعي، وقال السفاقسي عن سحنون : صلاتهم باطلة، قلت: وفي (الذخيرة) من كتب أصحابنا: سمع الإمام في الركوع خفق النعال هل ينتظر؟ قال أبو يوسف : سألت أبا حنيفة وابن أبي ليلى عن ذلك فكرهاه، وقال أبو حنيفة : أخشى عليه أمرا عظيما يعني الشرك، وروى هشام عن محمد أنه كره ذلك، وعن أبي مطيع أنه كان لا يرى به بأسا، وقال الشعبي : إذا كان ذلك مقدار التسبيحة والتسبيحتين، وقال بعضهم: يطول التسبيحات ولا يزيد في العدد، وقال أبو القاسم الصفار : إن كان الجائي غنيا لا يجوز وإن كان فقيرا يجوز انتظاره، وقال أبو الليث: إن كان الإمام عرف الجائي لا ينتظره، وإن لم يعرفه فلا بأس به إذ فيه إعانة على الطاعة. وقيل: إن أطال الركوع لإدراك الجائي خاصة، ولا يريد إطالة الركوع للتقرب إلى الله تعالى فهذا مكروه. وقيل: إن كان الجائي شريرا ظالما لا يكره لدفع شره.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية