الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  841 6 - حدثنا عبد الله بن يوسف ، قال : أخبرنا مالك ، عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن ، عن أبي صالح السمان ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح ، فكأنما قرب بدنة ، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن ، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة ، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إن الذي يحضر الجمعة الذي هو عبادة بدنية كأنه يأتي أيضا بالعبادة المالية ، فكأنه يجمع بين العبادتين البدنية والمالية ، وهذه الخصوصية للجمعة دون غيرها من الصلوات ، فدل ذلك على فضل الجمعة فناسب ترجمة [ ص: 171 ] الباب بفضل الجمعة .

                                                                                                                                                                                  ذكر رجاله ، وهم خمسة ، تكرر ذكرهم ، وأبو صالح اسمه ذكوان .

                                                                                                                                                                                  ذكر من أخرجه غيره

                                                                                                                                                                                  أخرجه مسلم في الصلاة أيضا عن قتيبة . وأخرجه أبو داود عن القعنبي . وأخرجه الترمذي عن إسحاق بن موسى ، عن معن بن عيسى . وأخرجه النسائي في الملائكة عن محمد بن سلمة ، والحارث بن مسكين ، كلاهما عن أبي القاسم ، وفيه وفي الصلاة عن قتيبة ، خمستهم عن مالك به ، ورواه النسائي عن محمد بن عجلان عن سمي بلفظ آخر " تقعد الملائكة على أبواب المسجد يكتبون الناس على منازلهم ، فالناس فيه كرجل قدم بدنة ، وكرجل قدم بقرة ، وكرجل قدم شاة ، وكرجل قدم دجاجة ، وكرجل قدم عصفورا ، وكرجل قدم بيضة " رواه مسلم والنسائي وابن ماجه من رواية سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الناس على منازلهم ، فإذا خرج الإمام طويت الصحف واستمعوا الخطبة ; فالمهجر إلى الصلاة كالمهدي بدنة ثم الذي يليه كالمهدي بقرة ثم الذي يليه كالمهدي كبشا ، حتى ذكر البيضة والدجاجة " ورواه النسائي من رواية معمر عن الزهري عن الأعرابي عبد الله عن أبي هريرة عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال : " إذا كان يوم الجمعة قعدت الملائكة على أبواب المسجد فكتبوا من جاء إلى الجمعة ، فإذا خرج الإمام طوت الملائكة الصحف ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : المهجر إلى الجمعة كالمهدي - يعني بدنة - ثم كالمهدي بقرة ، ثم كالمهدي شاة ، ثم كالمهدي بطة ، ثم كالمهدي دجاجة ، ثم كالمهدي بيضة " . وروى الطبراني في الكبير من حديث واثلة بن الأسقع قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله تبارك وتعالى يبعث الملائكة يوم الجمعة على أبواب المسجد يكتبون القوم الأول والثاني والثالث والرابع والخامس والسادس ، فإذا بلغوا السابع كانوا بمنزلة في قرب العصافير " ، وفي روايته مجهول . وروى أحمد في مسنده من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا كان يوم الجمعة قعدت الملائكة على أبواب المسجد فيكتبون الناس من جاء على منازلهم ، فرجل قدم جزورا ورجل قدم بقرة ورجل قدم دجاجة ورجل قدم بيضة ، قال : فإذا أذن المؤذن وجلس الإمام على المنبر طويت الصحف فدخلوا المسجد يستمعون الذكر " ، وإسناده جيد . وفي كتاب الترغيب لأبي الفضل الجوزي من حديث فرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن ابن عباس ، مرفوعا : " إذا كان يوم الجمعة دفع إلى الملائكة ألوية حمد ، إلى كل مسجد يجمع فيه ، ويحضر جبريل عليه الصلاة والسلام المسجد الحرام ، مع كل ملك كتاب ، وجوههم كالقمر ليلة البدر ، معهم أقلام من فضة وقراطيس من فضة ، يكتبون الناس على منازلهم ; فمن جاء قبل الإمام كتب من السابقين ، ومن جاء بعد خروج الإمام كتب شهد الخطبة ، ومن جاء حين تقام الصلاة كتب شهد الجمعة ، وإذا سلم الإمام تصفح الملائكة وجوه القوم فإذا فقدوا منهم رجلا كان فيما خلا من السابقين قالوا : يا رب ، إنا فقدنا فلانا ولسنا ندري ما خلفه اليوم ، فإن كنت قبضته فارحمه ، وإن كان مريضا فاشفه ، وإن كان مسافرا فأحسن صحابته ، ويؤمن من معه من الكتاب .

                                                                                                                                                                                  ذكر معناه

                                                                                                                                                                                  قوله : “ من اغتسل " يدخل فيه بعمومه كل من يصح منه التقرب ، سواء كان ذكرا أو أنثى حرا أو عبدا . قوله : " غسل الجنابة " بنصب اللام على أنه صفة لمصدر محذوف ، أي : غسلا كغسل الجنابة ، ويشهد بذلك رواية ابن جريج عن سمي عن عبد الرزاق " فاغتسل أحدكم كما يغتسل من الجنابة " ، ووقع في رواية ابن ماهان " من اغتسل غسل الجمعة " . واختلفوا في معنى غسل الجنابة ، فقال قوم : إنه حقيقة حتى يستحب أن يواقع زوجته ليكون أغض لبصره وأسكن لنفسه . قالوا : ويشهد لذلك حديث أوس الثقفي قال : " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من غسل يوم الجمعة واغتسل ، ثم بكر وابتكر ، ومشى ولم يركب ، ودنا من الإمام واستمع ولم يلغ ، كان له بكل خطوة عمل سنة أجر ; صيامها وقيامها " ، رواه أبو داود وغيره ، وقال الترمذي : حديث أوس حديث حسن . وقال : معنى قوله : " غسل " وطئ امرأته قبل الخروج إلى الصلاة ، يقال : غسل الرجل امرأته وغسلها - مشددا ومخففا - إذا جامعها ، وفحل غسلة إذا كان كثير الضراب . والأكثرون على أن التشبيه في قوله : " غسل الجنابة " للكيفية لا للحكم .

                                                                                                                                                                                  قوله : “ ثم راح " أي : ذهب أول النهار ، ويشهد لهذا ما رواه أصحاب الموطأ عن مالك في " الساعة الأولى " . قوله : " ومن راح في الساعة الثانية " قال مالك : المراد بالساعات هنا لحظات لطيفة بعد زوال الشمس . وبه قال القاضي حسين ، وإمام الحرمين ، والرواح عندهم بعد زوال الشمس ، وادعوا أن هذا معناه في اللغة ، وقال جماهير العلماء باستحباب [ ص: 172 ] التبكير إليها أول النهار ، وبه قال الشافعي وابن حبيب المالكي ، والساعات عندهم من أول النهار ، والرواح يكون أول النهار وآخره . وقال الأزهري : لغة العرب أن الرواح الذهاب سواء كان أول النهار أو آخره أو في الليل ، وهذا هو الصواب الذي يقتضيه الحديث والمعنى ، لأن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أخبر أن الملائكة تكتب من جاء في الساعة الأولى وهو كالمهدي بدنة ، ثم من جاء في الساعة الثانية ، ثم في الثالثة ثم في الرابعة ثم في الخامسة ، وفي رواية النسائي : السادسة ، فإذا خرج إمام طووا الصحف ولم يكتبوا بعد ذلك ، ومعلوم أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان يخرج إلى الجمعة متصلا بالزوال وهو بعد انقضاء الساعة السادسة ، فدل على أنه لا شيء من الفضيلة لمن جاء بعد الزوال ، ولأن ذكر الساعات إنما كان للحث على التبكير إليها والترغيب في فضيلة السبق وتحصيل الصف الأول وانتظارها والاشتغال بالتنفل والذكر ونحو ذلك ، وهذا كله لا يحصل بالذهاب بعد الزوال ولا فضيلة لمن أتى بعد الزوال لأن النداء يكون حينئذ ويحرم التخلف بعد النداء .

                                                                                                                                                                                  قلت : الحاصل أن الجمهور حملوا الساعات المذكورة في الحديث على الساعات الزمانية ، كما في سائر الأيام ، وقد روى النسائي أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قال : " يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعة " ، وأما أهل علم الميقات فيجعلون ساعات النهار ابتداءها من طلوع الشمس ، ويجعلون الحصة التي من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس من حساب الليل ، واستواء الليل والنهار عندهم إذا تساوى ما بين المغرب وطلوع الشمس ، وما بين طلوع الشمس وغروبها ، فإن أريد الساعات على اصطلاحهم فيكون ابتداء الوقت المرغب فيه لذهاب الجمعة من طلوع الشمس ، وهو أحد الوجهين للشافعية ، وقال الماوردي : إنه الأصح ، ليكون قبل ذلك من طلوع الفجر زمان غسل وتأهب . وقال الروياني : إن ظاهر كلام الشافعي أن التبكير يكون من طلوع الفجر . وصححه الروياني وكذلك صاحب المهذب قبله ، ثم الرافعي والنووي . ولهم وجه ثالث أن التبكير من الزوال ، كقول مالك ، حكاه البغوي والروياني . وفيه وجه رابع حكاه الصيدلاني ، أنه من ارتفاع النهار ، وهو وقت الهجير ، وقال الرافعي : ليس المراد من الساعات على اختلاف الوجوه الأربع والعشرين التي قسم اليوم والليلة عليها ، وإنما المراد ترتيب الدرجات وفضل السابق على الذي يليه .

                                                                                                                                                                                  قوله : “ قرب بدنة " أي : تصدق ببدنة متقربا إلى الله تعالى ، وقيل : المراد أن للمبادر في أول ساعة نظير ما لصاحب البدنة من الثواب ممن شرع له القربان ، لأن القربان لم يشرع لهذه الأمة على الكيفية التي كانت للأمم الماضية . وقيل : ليس المراد بالحديث إلا بيان تفاوت المبادرين إلى الجمعة ، وأن نسبة الثاني من الأول نسبة البقرة إلى البدنة في القيمة مثلا ، ويدل عليه أن في مرسل طاوس رواه عبد الرزاق " كفضل صاحب الجزور على صاحب البقرة " والبدنة تطلق على الإبل والبقر ، وخصصها مالك بالإبل ، ولكن المراد هاهنا من البدنة الإبل بالاتفاق ، لأنها قوبلت بالبقرة ، وتقع على الذكر والأنثى . وقال بعضهم : المراد بالبدنة هنا الناقة بلا خلاف .

                                                                                                                                                                                  قلت : فيه نظر ، فكأن لفظ الهاء فيه غره وحسب أنه للتأنيث وليس كذلك ، فإنه للوحدة كقمحة وشعيرة ونحوهما من أفراد الجنس ، سميت بذلك لعظم بدنها . وقال الجوهري : البدنة ناقة أو بقرة تنحر بمكة ، سميت بذلك لأنهم كانوا يسمونها . وحكى النووي عن الأزهري أنه قال : البدنة تكون من الإبل والبقر والغنم . قلت : هذا غلط ، الظاهر أنه من النساخ ، لأن المنقول الصحيح عن الأزهري أنه قال : البدنة لا تكون إلا من الإبل ، وأما الهدي فمن الإبل والبقر والغنم .

                                                                                                                                                                                  قوله : “ بقرة " التاء فيها للوحدة ، قال الجوهري : البقر اسم جنس والبقرة تقع على الذكر والأنثى ، وإنما دخله الهاء على أنه واحد من جنس ، والبقرات جمع بقرة ، والباقر جماعة البقر مع رعاتها ، والبيقور البقر ، وأهل اليمن يسمون البقرة باقورة وهو مشتق من البقر ، وهو الشق ، فإنها تبقر الأرض أي تشقها بالحراثة .

                                                                                                                                                                                  قوله : “ كبشا أقرن " الكبش هو الفحل ، وإنما وصف بالأقرن لأنه أكمل وأحسن صورة ، ولأن القرن ينتفع به ، وفيه فضيلة على الأجم . قوله : " دجاجة " بكسر الدال وفتحها لغتان مشهورتان ، وحكي الضم أيضا ، وعن محمد بن حبيب أنها بالفتح من الحيوان وبالكسر من الناس ، والدجاجة تقع على الذكر والأنثى ، وسميت بذلك لإقبالها وإدبارها ، وجمعها : دجاج ودجائج ودجاجات ، ذكره ابن سيده ، وفي المنتهى لأبي المعالي فتح الدال في الدجاج أفصح من كسره ، ودخلت الهاء في الدجاجة لأنه واحد من جنس ، مثل حمامة وبطة ونحوهما ، وكما جاءت الدال مثلثة في المفرد فكذلك يقال في الجمع : الدجاج [ ص: 173 ] والدجاج والدجاج . قوله : " بيضة " البيضة واحدة من البيض ، والجمع : بيوض ، وجاء في الشعر : بيضات . قوله : " حضرت الملائكة " بفتح الضاد وكسرها ، والفتح أعلى .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر ما يستفاد منه )

                                                                                                                                                                                  فيه استحباب الغسل يوم الجمعة . وفيه فضيلة التبكير ، وقد ذكرنا حده عن قريب . وفيه أن مراتب الناس في الفضيلة على حسب أعمالهم . وفيه أن القربان والصدقة تقع على القليل والكثير ، وقد جاء في النسائي بعد الكبش " بطة ثم دجاجة ثم بيضة " وفي أخرى " دجاجة ثم عصفور ثم بيضة " وإسنادهما صحيح . وفيه إطلاق القربان على الدجاجة والبيضة ، لأن المراد من التقرب التصدق ، ويجوز التصدق بالدجاجة والبيضة ونحوهما . وفيه أن التضحية من الإبل أفضل من البقر لأنه صلى الله عليه وسلم قدمها أولا وتلاها بالبقرة ، وأجمعوا عليه في الهدايا واختلفوا في الأضحية ، فمذهب أبي حنيفة والشافعي والجمهور أن الإبل أفضل ثم البقر ثم الغنم كالهدايا ، ومذهب مالك أن الغنم أفضل ثم البقر ثم الإبل ، قالوا : لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين ، وهو فداء إسماعيل عليه الصلاة والسلام . وحجة الجمهور حديث الباب مع القياس على الهدايا وفعله صلى الله عليه وسلم لا يدل على الأفضلية ، بل على الجواز ، ولعله لم يجد غيره ، كما ثبت في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم ضحى عن نسائه بالبقرة ، ( فإن قلت ) : روى أبو داود وابن ماجه من حديث عبادة بن الصامت بإسناد صحيح أنه قال : " خير الأضحية الكبش الأقرن " . ( قلت ) : مراده خير الأضحية من الغنم الكبش الأقرن . وقال إمام الحرمين : البدنة من الإبل ، ثم الشرع قد يقيم مقامها بقرة وسبعا من الغنم ، وتظهر ثمرة هذا فيما إذا قال : لله علي بدنة ، وفيه خلاف ، الأصح تعين الإبل إن وجدت وإلا فالبقر أو سبع من الغنم . وقيل : تتعين الإبل مطلقا . وقيل : يتخير مطلقا . وفيه الملائكة المذكورون غير الحفظة ، ووظيفتهم كتابة حاضريها ، قاله الماوردي والنووي . وقال ابن بزيزة : لا أدري هم أم غيرهم . قلت : هؤلاء الملائكة يكتبون منازل الجائين إلى الجمعة مختصون بذلك كما روى أحمد في مسنده عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : تقعد الملائكة على أبواب المساجد فيكتبون الأول والثاني والثالث " الحديث ، والحفظة لا يفارقون من وكلوا عليهم ، وروى أبو داود من حديث عطاء الخراساني ، قال : سمعت عليا رضي الله تعالى عنه على منبر الكوفة يقول : إذا كان يوم الجمعة غدت الشياطين براياتها إلى الأسواق ، فيرمون الناس بالترابيث أو الربائث ، ويثبطونهم عن الجمعة ، وتغدو الملائكة فتجلس على أبواب المسجد فيكتبون الرجل من ساعة والرجل من ساعتين ، حتى يخرج الإمام ، فإذا جلس الرجل مجلسا يتمكن فيه من الاستماع والنظر فأنصت ولم يلغ كان كفلان من الأجر ، فإن نأى حيث لا يستمع فأنصت ولم يلغ كان له كفل من الأجر ، وإن جلس مجلسا يتمكن فيه من الاستماع والنظر فلغا ولم ينصت كان له كفل من وزر ، ومن قال يوم الجمعة لصاحبه مه فقد لغى ، فليس له في جمعته تلك شيء ، ثم يقول في آخر ذلك : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك " . قال أبو داود : رواه الوليد بن مسلم عن ابن جابر ، قال " بالربائث " . وقال مولى امرأته أم عثمان بن عطاء ، ورواه أحمد من رواية الحجاج بن أرطاة عن عطاء الخراساني بلفظ : " وتقعد الملائكة على أبواب المسجد يكتبون الناس على قدر منازلهم ; السابق والمصلي والذي يليه ، حتى يخرج الإمام .

                                                                                                                                                                                  والربائث بفتح الراء والباء الموحدة وآخره ثاء مثلثة جمع ربيثة ، وهو ما يحبس الإنسان ويشغله ، وأما الترابيث فقال صاحب النهاية : يجوز أن يكون جمع تربيثة وهي المرة الواحدة من التربيث . وقال الخطابي : وهذه الرواية ليست بشيء ، وفيه حضور الملائكة إذا خرج الإمام ليسمعوا الخطبة ، لأن المراد من قوله : " يستمعون الذكر " هو الخطبة ، ( فإن قلت ) : في الرواية الأخرى من الصحيح : " فإذا جلس الإمام طووا الصحف " ، فما الفرق بين الروايتين ؟ ( قلت ) : بخروج الإمام يحضرون من غير طي ، فإذا جلس الإمام على المنبر طووها ، ويقال : ابتداء طيهم الصحف عند ابتداء خروج الإمام وانتهاؤه بجلوسه على المنبر ، وهو أول سماعهم للذكر والمراد به ما في الخطبة من المواعظ ونحوها .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية