الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1265 85 - حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن شيبان ، عن هلال هو الوزان ، عن عروة ، عن عائشة رضي الله عنها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في مرضه الذي مات فيه : " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مسجدا " قالت : ولولا ذلك لأبرزوا قبره غير أني أخشى أن يتخذ مسجدا .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث التلازم ، وذلك أن الترجمة اتخاذ المسجد على القبر ، ومدلول الحديث اتخاذ القبر مسجدا ، ولكنهما متلازمان وإن كان مفهوماهما متغايرين .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر رجاله )

                                                                                                                                                                                  وهم خمسة : الأول : عبيد الله بن موسى أبو محمد العبسي وقد مر غير مرة ، الثاني : شيبان بفتح الشين المعجمة وسكون الياء آخر الحروف بعدها الباء الموحدة ابن عبد الرحمن التميمي النحوي ، الثالث : هلال بن حميد ويقال ابن عبد الله الوزان ، الرابع : عروة بن الزبير بن العوام ، الخامس : عائشة أم المؤمنين .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر لطائف إسناده )

                                                                                                                                                                                  فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع ، وفيه العنعنة في أربعة مواضع أن شيخه بصري سكن الكوفة ، وشيبان وهلال كوفيان ، وعروة مدني ، وفيه أن هلالا مذكور بصنعته المشهور أنه ابن أبي حمد ، وكذا وقع منسوبا عند ابن أبي شيبة والإسماعيلي وغيرهما ، وقيل : قال البخاري في تاريخه : قال وكيع : هلال بن حميد ، وقال مرة : هلال بن عبد الله ولا يصح ، ( قلت ) : وقال ابن أبي حاتم : هلال بن مقلاص .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره )

                                                                                                                                                                                  أخرجه البخاري في الجنائز أيضا عن موسى بن إسماعيل ، وأخرجه في المغازي عن الصلت بن محمد ، وأخرجه مسلم في الصلاة عن أبي بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد كلاهما عن هاشم بن القاسم عن شيبان به .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه )

                                                                                                                                                                                  قوله : ( في مرضه ) إنما قاله في مرضه تحذيرا مما صنعوه ، قوله : ( لعن الله ) اللعن الطرد والإبعاد فهم مطرودون ومبعودون من الرحمة ولعنوا بكفرهم ، قوله : ( مسجدا ) وفي رواية الكشميهني ( مساجدا ) ، قوله : ( ولولا ذلك لأبرز ) حاصله لولا خشية الاتخاذ لأبرز قبره أي لكشف قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يتخذ عليه الحائل ، ولكن خشية الاتخاذ موجودة فامتنع الإبراز ; لأن لولا لامتناع الشيء لوجود غيره ، وهذا قالته عائشة قبل أن يوسع المسجد ، ولهذا لما وسع المسجد جعلت حجرتها مثلثة الشكل محددة حتى لا يتأتى لأحد أن يصلي إلى جهة القبر مع استقبال القبلة ، وفي رواية ( لأبرزوا ) بلفظ الجمع أي لكشفوا قبره كشفا ظاهرا من غير بناء بني عليه يمنع من الدخول إليه ، قوله : ( غير أنه خشي ) والهاء في أنه ضمير الشأن ، وخشي على صيغة المجهول ، وكذا في رواية مسلم ، وفي رواية ( خشي ) على بناء المعلوم ، فعلى هذا الضمير في أنه يرجع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خشي أن يتخذ قبره مسجدا وأمرهم بترك الإبراز ، وفي رواية ( إني أخشى ) وهذه تقتضي أنها هي التي منعت من إبرازه . ومما [ ص: 136 ] يستفاد منه أن قوله صلى الله تعالى عليه وسلم هذا من باب قطع الذريعة لئلا يعبد قبره الجهال كما فعلت اليهود والنصارى بقبور أنبيائهم ، وكره مالك المسجد على القبور ، وإذا بني مسجد على مقبرة دائرة ليصلى فيه فلا بأس به ، وكره مالك الدفن في المسجد



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية