الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1374 45 - حدثنا إسماعيل قال : حدثني أخي ، عن سليمان ، عن معاوية بن أبي مزرد ، عن أبي الحباب ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان ، فيقول أحدهما : اللهم أعط منفقا خلفا ، ويقول الآخر : اللهم أعط ممسكا تلفا .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته لقوله " اللهم أعط منفق مال خلفا " ظاهرة ; لأنه بينه .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر رجاله ) وهم ستة : الأول : إسماعيل بن أبي أويس . الثاني : أخوه ، وهو أبو بكر ، واسمه عبد الحميد . الثالث : سليمان بن بلال . الرابع : معاوية بن أبي مزرد بضم الميم وفتح [ ص: 307 ] الزاي وكسر الراء .

                                                                                                                                                                                  وفي آخره دال مهملة واسمه عبد الرحمن
                                                                                                                                                                                  . الخامس : أبو الحباب بضم الحاء المهملة وتخفيف الباء الموحدة الأولى ، واسمه سعيد بن يسار ، ضد اليمين ، عم معاوية المذكور . السادس : أبو هريرة - رضي الله عنه .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر لطائف إسناده ) : فيه : التحديث بصيغة الجمع في موضع ، وبصيغة الإفراد في موضع .

                                                                                                                                                                                  وفيه : العنعنة في أربعة مواضع .

                                                                                                                                                                                  وفيه : أن رواته كلهم مدنيون .

                                                                                                                                                                                  وفيه : رواية الرجل ، عن أخيه .

                                                                                                                                                                                  وفيه : رواية الرجل عن عمه .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر من أخرجه غيره ) أخرجه مسلم في الزكاة ، عن القاسم بن زكريا ، وأخرجه النسائي في عشرة النساء ، عن محمد بن نصر ، وفي الملائكة ، عن عباس بن محمد .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه ) : قوله : " ما من يوم " وفي حديث أبي الدرداء : " ما من يوم طلعت فيه الشمس إلا وبجنبتيها ملكان يناديان ، يسمعهما خلق الله كلهم إلا الثقلين ، يا أيها الناس هلموا إلى ربكم ، إن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى ، ولا غربت شمسه إلا وبجنبتيها ملكان يناديان يسمعان أهل الأرض إلا الثقلين ، اللهم أعط منفقا خلفا ، وأعط ممسكا مالا تلفا " رواه أحمد ، قوله " بجنبتيها " تثنية جنبة بفتح الجيم وسكون النون ، وهي الناحية ، قوله " ما من يوم " يعني : ليس من يوم وكلمة " من " زائدة ، ويوم اسمه ، وقوله : " يصبح العباد فيه " صفة يوم ، وقوله " إلا ملكان " مستثنى من متعلق محذوف ، وهو خبر ما ، المعنى : ليس يوم موصوف بهذا الوصف ينزل فيه أحد إلا ملكان ، يقولان : كيت وكيت ، فحذف المستثنى منه ودل عليه بوصف الملكان ينزلان ، ونظيره في مجيء الموصوف مع الصفة بعد إلا في الاستثناء المفرغ ، قولك ما أخبرت منكم أحدا إلا رفيقا ، قوله : " خلفا " بفتح اللام ، أي : عوضا ، يقال : أخلف الله عليك خلفا ، أي : عوضا ، أي : أبدلك بما ذهب منك ، قوله : " أعط ممسكا تلفا " التعبير بالعطية هنا من قبيل المشاكلة ; لأن التلف ليس بعطية .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر ما يستفاد منه ) : فيه أنه موافق لقوله تعالى : وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه ولقوله : " ابن آدم أنفق أنفق عليك " ، وهذا يعم الواجب والمندوب .

                                                                                                                                                                                  وفيه : أن الممسك يستحق تلف ماله ، ويراد به الإمساك عن الواجبات ، دون المندوبات ، فإنه قد لا يستحق هذا الدعاء ، اللهم إلا أن يغلب عليه البخل بها ، وإن قلت في نفسها كالحبة واللقمة ، ونحوهما .

                                                                                                                                                                                  وفيه : الحض على الإنفاق في الواجبات كالنفقة على الأهل وصلة الرحم ، ويدخل فيه صدقة التطوع والفرض .

                                                                                                                                                                                  وفيه : دعاء الملائكة ، ومعلوم أنه مجاب بدليل قوله : " من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه " .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية