الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1783 454 - حدثنا يحيى بن بكير قال: حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله، أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا طويلا عن الدجال، فكان فيما حدثنا به أن قال: يأتي الدجال وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة ينزل بعض السباخ التي بالمدينة، فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس، أو من خير الناس، فيقول: أشهد أنك الدجال الذي حدثنا عنك رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه، فيقول الدجال: أرأيت إن قتلت هذا ثم أحييته، هل تشكون في الأمر؟ فيقولون: لا، فيقتله ثم يحييه، فيقول حين يحييه: والله ما كنت قط أشد بصيرة مني اليوم، فيقول الدجال: أقتله فلا أسلط عليه.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إنه يدل على أن الدجال ينزل على سبخة من سباخ المدينة، ولا يقدر على الدخول إلى المدينة. ورجاله قد ذكروا غير مرة، وعقيل، بضم العين، ابن خالد الأيلي.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه البخاري أيضا في الفتن، عن أبي اليمان، عن شعيب، وأخرجه مسلم أيضا في الفتن، عن عبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي، عن أبي اليمان به، وعن عمرو الناقد، وحسن الحلواني، وعبد بن حميد، ثلاثتهم عن يعقوب بن إبراهيم، وأخرجه النسائي في الحج، عن أبي داود، وسليمان بن سيف، عن يعقوب بن إبراهيم به.

                                                                                                                                                                                  (ذكر معناه) قوله: " حدثنا" فعل ومفعول، ورسول الله صلى الله عليه وسلم فاعله، قوله: " عن الدجال" ؛ أي: عن حاله وفعله. قوله: " أن قال" ؛ كلمة "أن" مصدرية: أي قوله: " يأتي الدجال" . قوله: " وهو محرم عليه" ؛ جملة حالية، و" محرم" على صيغة المفعول من التحريم، قوله: " أن يدخل" ؛ كلمة "أن" مصدرية؛ أي دخوله، وهي في محل الرفع؛ لأنه في تقدير الفاعل. قوله: " ينزل" ؛ جملة مستأنفة كأن القائل يقول: إذا كان الدخول عليه حراما فكيف يفعل؟ قال: ينزل بعض السباخ، بكسر السين، جمع سبخة وهي الأرض التي تعلوها الملوحة، معناه: ينزل خارج المدينة على أرض سبخة من سباخ المدينة. قوله: " فيخرج إليه" ؛ أي: إلى الدجال. قوله: " رجل هو خير الناس" .

                                                                                                                                                                                  قال أبو إسحاق السبيعي: يقال: إن هذا الرجل هو الخضر عليه الصلاة والسلام، قاله مسلم في صحيحه، وكذا قال معمر في جامعه: بلغني أن ذلك الرجل هو الخضر عليه الصلاة والسلام، قوله: " أو من خير الناس" ، شك من الراوي، قوله: " أرأيت" ؛ أي: أخبرني. قوله: " فيقولون" القائلون به: إما اليهود ومصدقوه من أهل الشقاوة، وإما أعم منهم، وقالوه خوفا منه لا تصديقا، أو قصدوا به عدم الشك في كفره وكونه دجالا. قوله: " أشد بصيرة مني اليوم" ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرني بأن علامة الدجال أنه يحيي المقتول، فزادت بصيرته بحصول تلك العلامة، ويروى: " أشد مني بصيرة اليوم" فالمفضل والمفضل عليه كلاهما هو نفس المتكلم، لكنه مفضل باعتبار غيره، قوله: " أقتله فلا أسلط عليه" ؛ أي: أقتله فلا أسلط على قتله، و"أسلط" على صيغة المجهول، ولا بد من تقدير الهمزة الإنكارية، ويروى بظهور الهمزة لفظا، وكأنه ينكر [ ص: 245 ] على إرادته القتل، وعدم تسلطه عليه، ويروى: " فلا يسلط عليه"؛ أي: لا يقدر على قتله؛ بأن يجعل الله بدنه كالنحاس لا يجري عليه السيف، أو بأمر آخر نحوه، وروى مسلم في صحيحه، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يخرج الدجال فيتوجه قبله رجل من المؤمنين، فتلقاه المسايح مسايح الدجال، فيقولون له: أين تعمد؟ فيقول: أعمد إلى هذا الذي خرج. قال: فيقولون له: أوما تؤمن بربنا؟ فيقول: ما بربنا خفاء، فيقولون: اقتلوه، فيقول بعضهم لبعض: أليس قد نهاكم ربكم أن تقتلوا أحدا دونه؟ قال: فينطلقون به إلى الدجال، فإذا رآه المؤمن قال: يا أيها الناس، هذا الدجال الذي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فيأمر الدجال به فيشج، فيقول: خذوه فيوسع ظهره وبطنه ضربا، قال: فيقول: أوما تؤمن بي؟ قال: فيقول: أنت المسيح الكذاب، قال: فينشر بالمنشار من مفرقه حتى يفرق بين رجليه، قال: ثم يمشي الدجال بين القطعتين ثم يقول له: قم فيستوي قائما، ثم يقول له: أتؤمن بي؟ فيقول: ما ازددت فيك إلا بصيرة، قال: ثم يقول: يا أيها الناس، إنه لا يفعل بعدي بأحد من الناس، قال: فيأخذه الدجال حتى يذبحه، فيجعل ما بين رقبته إلى ترقوته نحاسا فلا يستطيع إليه سبيلا، قال: فيأخذ يديه ورجليه فيقذف به، فيحسب الناس أنما قذفه إلى النار، وإنما ألقي في الجنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا أعظم الناس شهادة عند رب العالمين.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية