الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1948 7 - حدثنا يحيى بن قزعة قال: حدثنا مالك، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص أن ابن وليدة زمعة مني فاقبضه، قالت: فلما كان عام الفتح أخذه سعد بن أبي وقاص، وقال: ابن أخي قد عهد إلي فيه، فقام عبد بن زمعة فقال: أخي وابن وليدة أبي، ولد على فراشه فتساوقا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال سعد: يا رسول الله ابن أخي كان قد عهد إلي فيه، فقال عبد بن زمعة: أخي وابن وليدة أبي، ولد على فراشه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو لك يا عبد بن زمعة، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر، ثم قال لسودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: احتجبي منه يا سودة؛ لما رأى من شبهه بعتبة فما رآها حتى لقي الله.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إن فيه توضيح الشبهة والاجتناب عنها ولذلك قال لسودة: "احتجبي منه".

                                                                                                                                                                                  (ذكر رجاله) وهم خمسة، قد ذكروا كلهم، ويحيى بن قزعة بالقاف والزاي والعين المهملة المفتوحات قد مر في آخر الصلاة.

                                                                                                                                                                                  (ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره) أخرجه البخاري أيضا في الفرائض، عن عبد الله بن يوسف، وفي الأحكام عن إسماعيل بن عبد الله، وفي الوصايا، وفي المغازي عن القعنبي، كلهم عن مالك به، وأخرجه أيضا في باب شراء المملوك من الحربي عن قتيبة بن سعيد، وأخرجه مسلم: حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا ليث، وحدثنا محمد بن رمح قال: أخبرنا الليث، عن ابن شهاب، عن عروة، "عن عائشة أنها قالت: اختصم سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة في غلام فقال سعد: هذا يا رسول الله ابن أخي عتبة بن أبي وقاص عهد إلي أنه ابنه انظر إلى شبهه، وقال عبد بن زمعة هذا أخي يا رسول الله، ولد على فراش أبي من وليدته، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شبهه، فرأى شبها بينا بعتبة، فقال: هو لك يا عبد، الولد للفراش وللعاهر الحجر، واحتجبي منه يا سودة بنت زمعة، فلم ير سودة قط" وأخرجه النسائي في الطلاق عن قتيبة.

                                                                                                                                                                                  (ذكر بيان الأسامي الواقعة فيه) عتبة بضم العين وسكون التاء المثناة من فوق وبالباء الموحدة ابن أبي وقاص، ذكره العسكري في الصحابة، وقال: كان أصاب دما في قريش، وانتقل إلى المدينة قبل الهجرة، ومات في الإسلام، وكذا قال أبو عمر، وجزم به الذهبي في معجمه فأخطأ، ولم يذكره الجمهور في الصحابة، وذكره ابن منده فيهم، واحتج بوصيته إلى أخيه سعد بابن وليدة زمعة، وأنكره أبو نعيم وقال: هو الذي شج وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكسر رباعيته يوم أحد، وما علمت له إسلاما، ولم يذكره أحد من المتقدمين في الصحابة، وقيل: إنه مات كافرا، وروى معمر عن عثمان الجزري، عن مقسم أن عتبة لما كسر رباعية رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عليه فقال: "اللهم لا يحول عليه الحول حتى يموت كافرا" فما حال عليه الحول حتى مات كافرا.

                                                                                                                                                                                  وأم عتبة هند بنت وهب بن الحارث بن زهرة، وعتبة هذا أخو سعد بن أبي وقاص لأخيه وأبو وقاص اسمه مالك بن أهيب -ويقال: وهيب- بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن [ ص: 168 ] كعب بن لؤي بن غالب القرشي أبو إسحاق الزهري أحد العشرة المبشرة بالجنة، يلتقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في كلاب بن مرة، ويقال له: فارس الإسلام، مات سنة خمس وخمسين -وهو المشهور- في قصره بالعقيق، وحمل على رقاب الناس إلى المدينة ودفن بالبقيع، وهو آخر العشرة وفاة، وكان عمره حين مات بضعا وسبعين سنة، وقيل: ثلاثا وثمانين، وقيل: غير ذلك، وأمه حمنة بنت سفيان بن أبي أمية بن عبد شمس، وقيل: بنت أبي سفيان، وقيل: بنت أبي أسد، وعبد بن زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبدود بن نصر، وقال أبو نعيم: عبد زمعة بن الأسود العامري أخو سودة أم المؤمنين كان شريفا سيدا من سادات الصحابة، قال الذهبي: كذا نسبه أبو نعيم فوهم، إنما هو ابن زمعة بن قيس، وزمعة بالزاي والميم والعين المهملة المفتوحات، وقيل: بسكون الميم، والولد المتنازع فيه: اسمه عبد الرحمن بن زمعة بن قيس، وكانت أمه من موالي اليمن، ولعبد الرحمن هذا عقب بالمدينة، وله ذكر في الصحابة، وقال الذهبي في "تجريد الصحابة": عبد الرحمن بن زمعة بن قيس القرشي العامري هو ابن وليدة زمعة صاحب القصة، وسودة بنت زمعة بن قيس القرشية العامرية أم المؤمنين، يقال: كنيتها أم الأسود، وأمها الشموس بنت قيس، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موت خديجة رضي الله عنها، وكانت قبله عند السكران بن عمرو أخي سهل بن عمرو، روت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنها عبد الله بن عباس، ويحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد، ويقال ابن أسعد بن زرارة الأنصاري، ماتت في آخر خلافة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه.

                                                                                                                                                                                  (ذكر معناه) قوله: "عهد إليه": أي أوصى إليه.

                                                                                                                                                                                  قوله: "وابن وليدة" الوليدة الجارية، وجمعها ولائد، وقال الجوهري: الوليدة الصبية، وقال ابن الأثير: تطلق الوليدة على الجارية والأمة، وإن كانت كبيرة، والوليد الطفل، ويجمع على ولدان، والأنثى وليدة، وفي الحديث: "تصدقت أمي بوليدة": أي جارية.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فاقبضه" من جملة كلام عتبة لأخيه سعد: أي فاقبض ابن وليدة زمعة، وقوله: "ابن أخي": أي هو ابن أخي عتبة، قد عهد إلي فيه: أي في الابن المذكور.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فقال عبيد بن زمعة: أخي" أي هو أخي "وابن وليدة أبي" أي: ابن جاريته، ولد على فراشه.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فتساوقا": أي بعد أن تنازعا وتخاصما فيه ذهبا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - سائقين.

                                                                                                                                                                                  قوله: "هو لك" اختلف في معناه على قولين:

                                                                                                                                                                                  أحدهما: معناه هو أخوك، قضاء منه - صلى الله عليه وسلم - بعلمه لا بالاستلحاق; لأن زمعة كان صهره - صلى الله عليه وسلم - وسودة ابنته كانت زوجته - صلى الله عليه وسلم - فيمكن أن يكون - صلى الله عليه وسلم - علم أن زمعة كان يمسها.

                                                                                                                                                                                  والثاني: معناه هو لك يا عبد ملكا; لأنه ابن وليدة زمعة، وكل أمة تلد من غير سيدها فولدها عبد، ولم يقر زمعة ولا شهد عليه، والأصول تدفع قول أبيه، فلم يبق إلا أنه عبد تبعا لأمه، قاله ابن جرير، وقال الطحاوي: معنى "هو لك": أي بيدك، لا ملك له، لكنك تمنع منه غيرك، كما قال للملتقط -أي في اللقطة-: هي لك، أي بيدك، تدفع عنها حتى تأتيها صاحبها إلا أنها ملك لك، ولا يجوز أن يضاف إلى الرسول أنه جعله ابنا لزمعة، وأمر أخته أن تحتجب منه، لكن لما كان لعبد شريك فيما ادعاه وهو سودة لم يجعله أخاها، وأمرها أن تحتجب منه. انتهى.

                                                                                                                                                                                  (قيل): فيه نظر; لأن في رواية البخاري في المغازي: "هو لك هو أخوك يا عبد بن زمعة من أجل أنه ولد على فراشه"؟

                                                                                                                                                                                  (قلت): في مسند أحمد وسنن النسائي " ليس لك بأخ " .

                                                                                                                                                                                  (فإن قلت): أعل هذه الزيادة البيهقي والمنذري والمازري .

                                                                                                                                                                                  (قلت): الحاكم استدركها وصحح إسنادها.

                                                                                                                                                                                  قوله: "يا عبد بن زمعة" يجوز رفعه على النعت، ونصبه على الموضع، ويجوز في "عبد" ضم داله على الأصل، وفتحه إتباعا لنون ابن، وقيل: الرواية فيه "هو لك عبد" بإسقاط حرف النداء الذي هو يا، ونسب القرطبي هذا القول إلى بعض الحنفية، فقال: قد وقع لبعض الحنفية "عبد" بغير ياء، ومعناه: هو لك; لأنه ابن أمة أبيك، فترث هذا الولد وأمه، ثم رده القرطبي بقوله: الرواية بإثبات ياء النداء، و"عبد" هنا اسم علم منادى، يريد به "عبد" الذي هو ابن زمعة، ولئن سلمنا الرواية بغير ياء فالمخاطب هو عبد بن زمعة، وهو بلا شك منادى، إلا أن العرب تحذف حرف النداء من الأسماء الأعلام كما في قوله تعالى: يوسف أعرض عن هذا وهذا كثير.

                                                                                                                                                                                  قوله: "الولد للفراش": أي لصاحب الفراش، إنما قال - صلى الله تعالى عليه وسلم - ذلك عقيب حكمه لعبد بن زمعة؛ إشارة بأن حكمه لم يكن بمجرد الاستلحاق بل بالفراش، فقال: "الولد للفراش" وأجمعت جماعة من العلماء بأن الحرة فراش بالعقد عليها مع إمكان الوطء، وإمكان الحمل، فإذا كان عقد النكاح يمكن معه الوطء والحمل فالولد لصاحب الفراش، لا ينتفي عنه أبدا بدعوى غيره ولا بوجه من الوجوه إلا باللعان.

                                                                                                                                                                                  [ ص: 169 ] واختلف الفقهاء في المرأة يطلقها زوجها من حين العقد عليها بحضرة الحاكم والشهود فتأتي بولد لستة أشهر فصاعدا من ذلك الوقت عقيب العقد، فقال مالك والشافعي: لا يلحق به؛ لأنها ليست بفراش له إذ لم يتمكن من الوطء في العصمة وهو كالصغير أو الصغيرة اللذين لا يمكن منهما الولد.

                                                                                                                                                                                  وقال أبو حنيفة وأصحابه: هي فراش له، ويلحق به ولدها. واختلفوا في الأمة فقال مالك: إذا أقر بوطئها صارت فراشا، إن لم يدع استبراء ألحق به ولدها وإن ادعى استبراء حلفه وبرئ من ولدها.

                                                                                                                                                                                  وقال العراقيون: لا تكون الأمة فراشا بالوطء إلا بأن يدعي سيدها ولدها، وأما إن نفاه فلا يلحق به، سواء أقر بوطئها أو لم يقر، وسواء استبرأ أو لم يستبرئ.

                                                                                                                                                                                  قوله: "وللعاهر الحجر" العاهر الزاني، وقد عهر يعهر عهرا وعهورا إذا أتى المرأة ليلا للفجور بها، ثم غلب على الزنا مطلقا، وقد عهر الرجل إلى المرأة ويعهر إذا أتاها للفجور، وقد عيهرت هي وتعيهر إذا زنت، والعهر الزنا، ومنه الحديث: "اللهم أبدله بالعهر العفة" ثم معنى قوله: "وللعاهر الحجر" أن الزاني له الخيبة ولا حظ له في الولد، والعرب تجعل هذا مثلا في الخيبة، كما يقال: "له التراب" إذا أرادوا "له الخيبة" وقيل: الولد لصاحب الفراش من الزوج أو السيد وللزاني الخيبة والحرمان، كقولك: ما لك عندي شيء غير التراب، وما بيدك غير الحجر.

                                                                                                                                                                                  وقال بعضهم: كني بالحجر عن الرجم، وليس كذلك؛ لأنه ليس كل زان يرجم، وإنما يرجم المحصن خاصة.

                                                                                                                                                                                  قوله: "احتجبي منه" أشكل معناه قديما على العلماء، فذهب أكثر القائلين بأن الحرام لا يحرم الحلال، وأن الزنا لا تأثير له في التحريم، وهو قول عبد الملك بن الماجشون، إلا أن قوله: "كان ذلك منه على وجه الاختيار والتنزه، وأن للرجل أن يمنع امرأته من رؤية أخيها" هذا قول الشافعي. وقالت طائفة: كان ذلك منه لقطع الذريعة بعد حكمه بالظاهر، فكأنه حكم بحكمين، حكم ظاهر، وهو الولد للفراش، وحكم باطن وهو الاحتجاب من أجل الشبه، كأنه قال: ليس بأخ لك يا سودة إلا في حكم الله تعالى، فأمرها بالاحتجاب منه.

                                                                                                                                                                                  قوله: "لما رأى من شبهه بعتبة" هو بفتح الشين والباء وبكسر الشين مع سكون الباء.

                                                                                                                                                                                  (ذكر ما يستفاد منه) أصل القضية فيه أنهم كانت لهم في الجاهلية إماء يبغين -أي يزنين- وكانت السادة تأتيهن في خلال ذلك، فإذا أتت إحداهن بولد فربما يدعيه السيد، وربما يدعيه الزاني، فإن مات السيد ولم يكن ادعاه ولا أنكره فادعاه ورثته به ولحق، إلا أنه لا يشارك مستلحقه في ميراثه إلا أن يستلحقه قبل القسمة، وإن كان السيد أنكره لم يلحق به، وكان لزمعة بن قيس والد سودة زوج النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أمة على ما وصف من أن عليها ضريبة وهو يلم بها، فظهر بها حمل، كان يظن أنه من عتبة أخي سعد بن أبي وقاص، وهلك كافرا، فعهد إلى أخيه سعد قبل موته فقال: استلحق الحمل الذي بأمة زمعة، فلما استلحقه سعد خاصمه عبد بن زمعة، فقال سعد: هو ابن أخي، يشير إلى ما كانوا عليه في الجاهلية، وقال عبد بن زمعة: بل هو أخي ولد على فراش أبي، يشير إلى ما استقر عليه الحكم في الإسلام، فقضى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لعبد بن زمعة؛ إبطالا لحكم الجاهلية، ثم الذي يستفاد منها على أنواع.

                                                                                                                                                                                  منها أن أبا حنيفة أخذ من قوله: "احتجبي منه" أن من فجر بامرأة حرمت على أولاده، وبه قال أحمد، وهو مذهب الأوزاعي والثوري، وقال مالك، والشافعي، وأبو ثور: لا يحرم، والاحتجاب للتنزيه، وقال أصحابنا: الأمر للوجوب والحديث حجة عليهم.

                                                                                                                                                                                  ومنها ما قال أبو عمر: الحكم للظاهر؛ لأنه صلى الله تعالى عليه وسلم حكم للولد بالفراش ولم يلتفت إلى الشبه، وكذلك حكم في اللعان بظاهر الحكم ولم يلتفت إلى ما جاءت به على النعت المكروه، وحكم الحاكم لا يحل الأمر في الباطل لأمره سودة بالاحتجاب.

                                                                                                                                                                                  ومنها أن الشافعي تمسك بقول عبد "أخي" على أن الأخ يجوز أن يستلحق الوارث نسبا للورثة بشرط أن يكون حائزا للإرث أو يستلحقه كل الورثة، وبشرط أن يمكن كون المستلحق ولدا للميت، وبشرط أن لا يكون معروف النسب من غيره، وبشرط أن يصدقه المستلحق إن كان بالغا عاقلا، وقال النووي: وهذه الشروط كلها موجودة في هذا الولد الذي ألحقه النبي صلى الله عليه وسلم بزمعة حين استلحقه عبد، قال: وتأول أصحابنا هذا بتأويلين:

                                                                                                                                                                                  أحدهما: أن سودة أخت عبد استلحقته معه، ووافقته في ذلك حتى يكون كل الورثة مستلحقين.

                                                                                                                                                                                  [ ص: 170 ] والتأويل الثاني: أن زمعة مات كافرا فلم ترثه سودة؛ لكونها مسلمة، وورثه عبد.

                                                                                                                                                                                  وقال مالك: لا يستلحق إلا الأب خاصة؛ لأنه لا ينزل غيره في تحقيق الإصابة منزلته.

                                                                                                                                                                                  ومنها أن الشعبي ومحمد بن أبي ذئب وبعض أهل المدينة احتجوا بقوله: "الولد للفراش" أن الرجل إذا نفى ولد امرأته لم ينتف به ولم يلاعن به، قالوا: لأن الفراش يوجب حق الولد في إثبات نسبه من الزوج والمرأة، فليس لهما إخراجه منه بلعان ولا غيره.

                                                                                                                                                                                  وقال جماهير الفقهاء من التابعين ومن بعدهم، منهم الأئمة الأربعة وأصحابهم: إذا نفى الرجل ولد امرأته يلاعن وينتفي نسبه منه ويلزم أمه. وفيه تفصيل يعرف في الفروع، واحتجوا في ذلك بما رواه نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرق بين المتلاعنين، وألزم الولد أمه، وهذا أخرجه الجماعة على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى.

                                                                                                                                                                                  "فائدة" حديث: "الولد للفراش وللعاهر الحجر" روي عن جماعة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم.

                                                                                                                                                                                  فعن عائشة رضي الله تعالى عنها رواه البخاري ومسلم والنسائي، وعن عثمان بن عفان روى عنه الطحاوي، أنه قال: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن الولد للفراش" وأخرجه أبو داود في حديث طويل، وعن أبي هريرة أخرجه مسلم من حديث ابن المسيب، وأبي سلمة عنه أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال: "الولد للفراش وللعاهر الحجر" ورواه الترمذي والطحاوي أيضا.

                                                                                                                                                                                  وعن أبي أمامة أخرجه ابن ماجه عنه مثله، وأخرجه الطحاوي أيضا، وعن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أخرجه الشافعي في مسنده، وابن ماجه في سننه من حديث عبيد الله بن أبي يزيد، عن أبيه، عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "قضى بالولد للفراش".

                                                                                                                                                                                  وعن عمرو بن خارجة أخرجه الترمذي من حديث عبد الرحمن بن غنم عنه أنه قال: "خطبنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بمنى" الحديث، وفيه: "ألا لا وصية لوارث، الولد للفراش وللعاهر الحجر".

                                                                                                                                                                                  وعن عبد الله بن عمرو أخرجه أبو داود من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: "قام رجل فقال: يا رسول الله إن فلانا ابني عاهرت بأمه في الجاهلية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا دعوة في الإسلام، ذهب أمر الجاهلية، الولد للفراش وللعاهر الحجر" وعن البراء وزيد بن أرقم أخرجه الطبراني من حديث أبي إسحاق عنهما قالا: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم" الحديث، وفي آخره: "الولد لصاحب الفراش وللعاهر الحجر، ليس لوارث وصية".

                                                                                                                                                                                  وعن عبد الله بن الزبير أخرجه النسائي وقد ذكرناه عن قريب، وعن عبد الله بن مسعود أخرجه النسائي أيضا من حديث أبي وائل عنه عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال: "الولد للفراش وللعاهر الحجر".




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية