الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
6545 - كان إذا أراد الحاجة أبعد - هـ) عن بلال بن الحارث (حم ن هـ) عن عبد الرحمن بن أبي قراد - صح) .

التالي السابق


(كان إذا أراد الحاجة) بالصحراء (أبعد) بحيث لا يسمع لخارجه صوت، ولا يشم له ريح، ذكره الفقهاء. وقال في الروض: لم يبين مقدار البعد وهو مبين في حديث ابن السكن في سننه أي في، وتهذيب الآثار للطبري والأوسط والكبير للطبراني أي بسند جيد كما قاله الولي العراقي في شرح أبي داود بأنه على ثلثي فرسخ من مكة أو نحو ميلين أو ثلاثة وهو بفتح الميم الأخيرة. وقال أبو دريد: الأصح كسرها مفعل من غمست كأنه اشتق من الغميس النبات الأخضر الذي ينبت في الخريوش اليابس، وعلى رواية الفتح هو من غمست الثوب غطيته وهو مستور بهضاب الرمضاء، والمصطفى (صلى الله عليه وسلم) لم يكن يأتي مكانا للمذهب إلا وهو مستور منخفض، وفيه دليل على ندب الإبعاد لنحوه. فإن قيل: إنما يحصل الاستتار بذلك عن عيون الإنس، فكيف بالجن؟ قلنا: يحصل المقصود في الجن وهو عدم قدرتهم على النظر إليه بأن يقول: بسم الله كما مر في الحديث، فإن قيل: كما ثبت الإبعاد ثبت عدمه أيضا كما في أبي داود عن حذيفة ، أجيب بأنه إنما فعله لبيان الجواز أو لحاجة كخوف، والبول أخف من الغائط لكراهة ريحه واحتياجه إلى زيادة تكشف، وفي معنى الإبعاد اتخاذ الكنيف في البيوت وضرب الحجب وإرخاء الستور وإعماق الحفائر ونحو ذلك مما يستر العورة ويمنع الريح. قال الولي العراقي : ويلحق بقضاء الحاجة كل ما يستحى منه كالجماع فيندب إخفاؤه بتباعد أو تستر، وكذا إزالة القاذورات كنتف إبط وحلق عانة كما نقله والدي عن بعضهم.

(هـ عن بلال بن الحارث ) المزني قدم سنة خمس في وفد مزينة وأقطعه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) العقيق، (حم ن هـ عن عبد الرحمن بن أبي قرار) بتشديد الراء بضبط المصنف، وليس بصحيح، ففي التقريب كأصله بضم القاف وتخفيف الراء السليمي الأنصاري، ويقال له: الفاكه. قال الحافظ مغلطاي في شرح ابن ماجه : هذا حديث ضعيف لضعف رواته، ومنهم: كثير بن عبد الله بن عمر بن عوف المزني، قال أحمد مرة: منكر الحديث، ومرة: لا يساوي شيئا، والنسائي والدارقطني : متروك، وأبو زرعة : واه، وقال الشافعي : هو ركن من أركان الكذب، وابن حبان : يروي الموضوع. اهـ. لكن يعضده رواية أحمد عن المغيرة : كان إذا تبرز تباعد، ورواية أبي داود عن جابر : كان إذا أراد البراز انطلق حتى لا يراه أحد، وهو بمعنى كان إذا أراد الحاجة أبعد؛ لأنه جعل غاية الانطلاق أن لا يراه أحد، وذلك إنما يحصل بالإبعاد، ذكره الولي العراقي . قال: فإن قيل: يحصل بمكان خال وإن لم يبعد، قلنا: لا يأتي إلا في الكنف المعدة، ولم تكن الكنف اتخذت ذلك الوقت فلا يحصل المقصود من ذلك إلا بالإبعاد.




الخدمات العلمية