الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
1094 - " اضمنوا لي ست خصال؛ أضمن لكم الجنة: لا تظالموا عند قسمة مواريثكم؛ وأنصفوا الناس من أنفسكم؛ ولا تجبنوا عند قتال عدوكم؛ ولا تغلوا غنائمكم؛ فأنصفوا ظالمكم من مظلومكم " ؛ (طب)؛ عن أبي أمامة ؛ (ض).

التالي السابق


(اضمنوا لي ست خصال) ؛ أي: التزموا بالمحافظة على فعل ست خصال؛ (أضمن) ؛ بالجزم؛ جواب الأمر؛ (لكم الجنة) ؛ أي: ألتزم لكم في مقابل ذلك بدخولها؛ مع السابقين الأولين؛ أو من غير تعذيب؛ وليس المراد بالضمان هنا معناه الشرعي؛ بل اللغوي؛ وعبر عنه بذلك تحقيقا لحصول الوعد؛ إن حوفظ على المأمور به؛ قالوا: وما هي يا رسول الله؟ قال: (لا تظالموا) ؛ بحذف إحدى التاءين؛ تخفيفا؛ أي: لا يظلم بعضكم بعضا؛ (عند قسمة مواريثكم) ؛ بل اقسموها على ما أمر الله به؛ وأعطوا كل ذي حق حقه من فرض؛ أو تعصيب؛ ما وجب له؛ فحرمان بعض الورثة؛ أو تنقيصه مما يستحقه؛ حرام شديد التحريم؛ حتى على المورث؛ (وأنصفوا الناس من أنفسكم) ؛ بأن تفعلوا معهم ما تحبون أن يفعلوه معكم؛ (ولا تجبنوا) ؛ بضم المثناة فوق؛ وسكون الجيم؛ (عند قتال عدوكم) ؛ أي: لا تهابوهم؛ فتولوا الأدبار؛ بل احملوا عليهم؛ واصدقوا اللقاء؛ واثبتوا حيث كانوا مثليكم؛ أو أقل؛ و" الجبن" ؛ بالضم: ضعف القلب عما يجب أن يقوى فيه؛ ذكره الراغب وغيره؛ (ولا تغلوا) ؛ بفتح المثناة فوق؛ وضم الغين المعجمة؛ (غنائمكم) ؛ أي: لا تخونوا فيها؛ فإن الغلول كبيرة؛ (فأنصفوا) ؛ لفظ جامعه الكبير: " وامنعوا" ؛ (ظالمكم من مظلومكم) ؛ أي: خذوا للمظلوم حقه ممن يظلمه؛ بالعدل والقسط؛ فإن إهمال ذلك مع القدرة عليه من قبيل ترك الأمر بالمعروف؛ وإهمال النهي عن المنكر؛ والخطاب للحكام؛ أو عام؛ ويدخلون فيه دخولا أوليا أولويا؛ ومقصود الحديث أن الإنسان إذا حافظ على هذه الخصال؛ مع القيام بالفروض العينية؛ يتكفل له المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة بإدخاله الجنة؛ مع الأولين؛ أو بغير عذاب.

(طب؛ عن أبي أمامة) ؛ الباهلي ؛ قال الهيتمي: فيه العلاء بن سليمان الرقي؛ وهو ضعيف؛ وقال ابن عدي : منكر الحديث؛ أهـ؛ والعلاء رواه عن خليل بن مرة؛ وقد ضعفه ابن معين وغيره؛ فحينئذ رمز المؤلف لحسنه؛ إن سلم؛ فهو من قبيل الحسن لغيره.



الخدمات العلمية