الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
202 - " أحب الأعمال إلى الله الحب في الله؛ والبغض في الله " ؛ (حم)؛ عن أبي ذر ؛ (ح).

التالي السابق


(أحب الأعمال) ؛ وفي رواية: " أفضل الأعمال" ؛ وفي أخرى: " أفضل الإيمان" ؛ ولا تعارض؛ لأن الحب من متعلقات القلب؛ فناسب الإيمان؛ وهو عمل قلبي؛ فناسب التعبير عنه بالعمل؛ (إلى الله؛ الحب في الله؛ والبغض في الله) ؛ أي: لأجله؛ وبسببه؛ لا لغرض آخر؛ كميل؛ أو إحسان؛ فـ " في" ؛ بمعنى اللام؛ المعبر به في رواية؛ وقال العيني: " في" ؛ أصلها للظرفية؛ لكنها هنا للسببية؛ أي: بسبب طاعة الله؛ ومعصيته؛ كما في حديث: " في النفس المؤمنة مائة من الإبل" ؛ ومنه قوله (تعالى): فذلكن الذي لمتنني فيه ؛ وإنما كان أحب الأعمال إلى الله لدلالته على كمال إيمان فاعله؛ ففي خبر أبي داود؛ عن أبي أمامة ؛ مرفوعا: " من أحب لله؛ وأبغض لله؛ وأعطى لله؛ ومنع لله؛ فقد استكمل الإيمان" ؛ فدل على أن من لم يحب لله؛ ويبغض لله؛ لم يستكمل الإيمان؛ قال في الكشاف: الحب في الله؛ والبغض في الله؛ باب عظيم؛ وأصل من أصول الإيمان؛ ومن لازم الحب في الله حب أنبيائه؛ وأصفيائه؛ ومن شرط محبتهم اقتفاء آثارهم؛ وطاعة أمرهم؛ قال ابن معاذ : وعلامة الحب في الله ألا يزيد بالبر؛ ولا ينقص بالجفاء؛ قال القاضي: " المحبة" : ميل النفس إلى الشيء؛ لكمال فيه؛ والعبد إذا علم أن الكمال الحقيقي ليس إلا لله؛ وأن كل ما يراه كمالا في نفسه أو غيره فهو من الله؛ وإلى الله؛ وبالله؛ لم يكن حبه إلا لله؛ وفي الله؛ وذلك يقتضي إرادة طاعته؛ فلذا فسرت المحبة بإرادة الطاعة؛ واستلزمت اتباع رسوله؛ انتهى؛ وقال ابن عطاء الله: الحب في الله يوجب الحب من الله؛ وهنا مراتب أربع: الحب لله؛ والحب في الله؛ والحب بالله؛ والحب من الله؛ فالحب لله ابتداء؛ والحب من الله انتهاء؛ والحب في الله؛ وبالله؛ واسطة بينهما؛ والحب لله أن تؤثره؛ ولا تؤثر عليه سواه؛ والحب في الله أن تحب فيه من ولاه؛ والحب بالله أن تحب العبد ما أحبه؛ وما أحبه منقطعا عن نفسه وهواه؛ والحب من الله أن يأخذك من كل شيء؛ فلا تحب إلا إياه؛ وعلامة الحب لله دوام ذكره؛ والحب في الله أن تحب من لم يحسن إليك بدنيا؛ من أهل الطاعات؛ والحب بالله أن يكون باعث الحظ بنور الله مقهورا؛ والحب من الله أن يجذبك إليه؛ فيجعل ما سواه عنك مستورا.

(حم؛ عن أبي ذر ) ؛ قال ابن الجوزي : حديث لا يصح؛ ويزيد بن أبي زياد أحد رجاله؛ قال ابن المبارك : ارم به؛ وسوار العنبري قال فيه الثوري : ليس بشيء؛ انتهى؛ وبه يعرف أن تحسين المصنف له ليس في محله.



الخدمات العلمية