الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
2861 - "ألا أخبركم بشيء إذا نزل برجل منكم كرب؛ أو بلاء؛ من أمر الدنيا؛ دعا به؛ يفرج عنه ؟ دعاء ذي النون : لا إله إلا أنت سبحانك؛ إني كنت من الظالمين"؛ ابن أبي الدنيا ؛ في الفرج؛ (ك)؛ عن سعد ؛ (صح) .

التالي السابق


(ألا أخبركم بشيء) ؛ يعني: بدعاء بديع؛ نافع للكرب والبلاء ؛ (إذا نزل برجل) ؛ يعني بإنسان؛ وذكر الرجل وصف طردي؛ وإنما ذكره لأن غالب البلايا والمحن إنما تقع للرجال؛ قال:


كتبت القتل والقتال علينا وعلى الغانيات جر الذيول



(كرب) ؛ أي: مشقة؛ وجهد؛ و"الكرب": الغم؛ الذي يأخذ بالنفس؛ كما في الصحاح وغيره؛ (أو بلاء) ؛ بالفتح؛ والمد: محنة؛ (من أمر الدنيا؛ دعا به) ؛ الله - تعالى -؛ (يفرج عنه) ؛ أي: يكشف غمه؛ قال الأزهري وغيره: "فرج الله الغم"؛ بالتشديد: كشفه؛ قالوا: بلى؛ أخبرنا؛ قال: (دعاء ذي النون ) ؛ أي: صاحب الحوت؛ وهو يونس بن متى - عليه السلام - حين التقمه الحوت؛ فنادى في الظلمات؛ (لا إله إلا أنت) ؛ أي: ما صنعت من شيء فلن أعبد غيرك؛ (سبحانك) ؛ تنزيه عن كل النقائص؛ ومنها العجز؛ وإنما قاله لأن تقديره: "سبحانك؛ ما جورا أو شهوة للانتقام؛ أو عجزا عن تخليصي مما أنا فيه؛ بل فعلته بحكم الإلهية؛ وبمقتضى الحكمة"؛ (إني كنت من الظالمين) ؛ يعني: ظلمت نفسي؛ كأنه قال: إني كنت من الظالمين؛ وأنا الآن من التائبين؛ لضعف البشرية؛ والقصور في أداء حق العبودية؛ وهذا القدر كاف في السؤال؛ قال المتنبي :


وفي النفس حاجات وفيك فطانة سكوتي كلام عندها وخطاب



وإنما كان هذا الدعاء منجيا من الكرب والبلاء لإقرار الإنسان فيه على نفسه بالظلم؛ قال الحسن : ما نجي يونس - والله - إلا لإقراره على نفسه بالظلم.

( ابن أبي الدنيا ) ؛ أبو بكر ؛ (في) ؛ كتاب؛ (الفرج) ؛ بعد الشدة؛ (ك؛ عن سعد ) ؛ ابن أبي وقاص .




الخدمات العلمية