الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
297 - " اخفضي؛ ولا تنهكي؛ فإنه أنضر للوجه؛ وأحظى عند الزوج " ؛ (طب ك) ؛ عن الضحاك بن قيس؛ (صح).

التالي السابق


(اخفضي) ؛ بكسر الهمزة؛ خطابا لأم عطية؛ التي كانت تخفض الجواري بالمدينة؛ أي: تختنهن؛ (ولا تنهكي) ؛ بفتح المثناة فوق؛ وسكون النون؛ وكسر الهاء؛ لا تبالغي في استقصاء محل الختان بالقطع؛ بل أبقي ذلك الموضع؛ قال الزمخشري : وأصل " النهك" : المبالغة في العمل؛ (فإنه أنضر) ؛ بفتح الهمزة؛ والمعجمة؛ (للوجه) ؛ أي: أكثر لمائه؛ ودمه؛ وأبهج لبريقه ولمعته؛ (وأحظى عند الزوج) ؛ ومن في معناه؛ من كل واطئ؛ كسيد الأمة؛ يعني: أحسن لجماعها عنده؛ وأحب إليه؛ وأشهى له؛ لأن الخافضة إذا استأصلت جلدة الختان ضعفت شهوة المرأة؛ فكرهت الجماع؛ فقلت حظوتها عند حليلها؛ كما أنها إذا تركتها بحالها؛ فلم تأخذ منها شيئا؛ بقيت غلمتها؛ فقد لا تكتفي بجماع زوجها؛ فتقع في الزنا؛ فأخذ بعضها تعديل للشهوة؛ والخلقة؛ قال حجة الإسلام: انظر إلى جزالة هذا اللفظ في الكناية؛ وإلى إشراق نور النبوة من مصالح الآخرة؛ التي هي أهم مقاصد النبوة؛ إلى مصالح الدنيا؛ حتى انكشفت له - وهو أمي - من هذا الأمر النازل قدره ما لو وقعت الغفلة عنه خيف ضرره؛ وتطاير من غب عاقبته شرره؛ وتولد منه أعظم القبائح؛ وأشد الفضائح؛ فسبحان من أرسله رحمة للعالمين؛ ليجمع لهم ببعثته مصالح الدارين! وفيه أنه لا استحياء من قول مثل ذلك للأجنبية؛ فقد كان المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أشد حياء من العذراء في خدرها؛ ومع ذلك قاله؛ تعليما للأمة؛ ومن استحيا من فعل فعله؛ أو قول قاله؛ فهو جاهل؛ كثيف الطبع؛ ولعله يقع في عدة كبائر؛ ولا يستحي من الله؛ ولا من الخلق.

(طب ك؛ عن الضحاك ) ؛ بالتشديد؛ ( ابن قيس ) ؛ بفتح القاف؛ وسكون المثناة تحت؛ الفهري ؛ قال: كان بالمدينة امرأة يقال لها: " أم عطية " ؛ تختن الجواري؛ فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك؛ والفهري قال الذهبي : يقال: له صحبة؛ قتل يوم " راهط" ؛ انتهى؛ وما ذكر من أن الضحاك هذا هو الفهري ؛ هو ما ذكره الحاكم ؛ وأبو نعيم ؛ حيث أورد الحديث في ترجمته؛ ويخالفه ما رواه البيهقي وغيره عن الفضل العلائي؛ قال: سألت ابن معين عن هذا؛ فقال: الضحاك هذا ليس بالفهري؛ قال ابن حجر: وهذا الحديث رواه أبو داود ؛ في السنن؛ وأعله بمحمد بن حسان ؛ فقال: مجهول؛ ضعيف؛ وتبعه ابن عدي في تجهيله؛ وخالفهم عبد الغني؛ فقال: هو محمد بن سعيد المصلوب؛ وحاله معروف؛ وكيفما كان سنده ضعيف جدا؛ وممن جزم بضعفه الحافظ العراقي ؛ وقال ابن حجر؛ في موضع آخر: له طريقان؛ كلاهما ضعيف؛ وقال ابن المنذر : ليس في الختان خبر يعول عليه؛ ولا سنة تتبع.



الخدمات العلمية