الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
340 - " إذا أتى أحدكم أهله؛ فليستتر؛ ولا يتجردان تجرد العيرين " ؛ (ش طب هق) عن ابن مسعود ؛ (هـ)؛ عن عتبة بن عبد؛ (ن) ؛ عن عبد الله بن سرجس؛ (طب)؛ عن أبي أمامة ؛ (ح).

التالي السابق


(إذا أتى أحدكم أهله) ؛ أي: أراد جماع حليلته؛ (فليستتر) ؛ أي: فليتغط؛ هو وإياها؛ بثوب يسترهما؛ ندبا؛ وخاطبه بالستر دونها لأنه يعلوها؛ وإذا استتر الأعلى استتر الأسفل؛ (ولا يتجردان) ؛ خبر بمعنى النهي؛ أي: ينزعان الثياب عن عورتيهما؛ فيصيران متجردين عما يسترهما؛ (تجرد العيرين) ؛ تشبيه حذفت أداته؛ وهو بفتح العين؛ تثنية " عير" ؛ وهو الحمار الأهلي؛ وغلب على الوحشي؛ وذلك حياء من الله (تعالى)؛ وأدبا مع الملائكة؛ وحذرا من حضور الشيطان؛ فإن فعل أحدهما ذلك كره؛ تنزيها؛ لا تحريما؛ إلا إن كان ثم من ينظر إلى شيء من عورته؛ فيحرم؛ وجزم الشافعية بحل نظر الزوج إلى جميع عورة زوجته؛ حتى الفرج؛ بل حتى ما لا يحل له التمتع به؛ كحلقة دبرها؛ وخص ضرب المثل بالحمار زيادة في التنفير؛ والتقريع؛ واستهجانا لذلك الأمر الشنيع؛ ولأنه أبلد الحيوان؛ وأعدمه فهما؛ وأقبحه فعلا؛ وفي حديث الطبراني والبزار تعليل الأمر بالستر؛ بأنه إذا لم يستتر استحيت الملائكة فخرجت؛ فإذا كان بينهما ولد كان للشيطان فيه نصيب؛ هذا لفظه؛ قال الهيتمي: وفي إسناد الطبراني مجهول؛ وبقية رجاله ثقات؛ وكما يندب الستر يندب تغطية رأسه؛ وخفض صوته؛ لما في خبر يأتي أن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - كان يفعله.

(ش طب هق) ؛ وكذا في الشعب؛ (عن ابن مسعود ) ؛ ثم قال البيهقي في الشعب - عقب تخريجه -: تفرد به مندل العنزي؛ انتهى؛ ومندل أورده الذهبي في الضعفاء؛ وقال: ضعفه أحمد والدارقطني ؛ قال الهيتمي [ ص: 239 ] - عقب عزوه للطبراني -: فيه مندل؛ ضعيف؛ وقد وثق؛ وقال البزار : أخطأ مندل في رفعه؛ والصواب أنه مرسل؛ وبقية رجاله رجال الصحيح؛ (هـ؛ عن عتبة ) ؛ بمثناة فوقية؛ (ابن عبد) ؛ بغير إضافة؛ وهذا الاسم متعدد في الصحابة؛ فكان ينبغي تمييزه؛ (ن؛ عن عبد الله بن سرجس) ؛ بفتح المهملة؛ وسكون الراء؛ وكسر الجيم؛ بعدها مهملة؛ المزني؛ حليف بني مخزوم؛ صحابي سكن البصرة؛ (طب؛ عن أبي أمامة ) ؛ لكن بلفظ: " إذا أتى أحدكم أهله فليستتر؛ عليه وعلى أهله؛ ولا يتعريا تعري الحمير" ؛ قال الهيتمي: فيه عفير بن معدان؛ ضعيف؛ فرمز المؤلف لحسنه إنما هو لاعتضاده؛ وتقويه بكثرة طرقه؛ وإلا فقد جزم الحافظ العراقي بضعف أسانيده؛ ووجهه ما تقرر.



الخدمات العلمية