الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              6626 7031 - فزعمت حفصة أنها قصتها على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : " إن عبد الله رجل صالح لو كان يكثر الصلاة من الليل " . قال الزهري : وكان عبد الله بعد ذلك يكثر الصلاة من الليل . [انظر : 1122 - مسلم : 2479 - فتح: 12 \ 419 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              وذكره من طريق سالم عنه ، وقد سلف في فضل قيام الليل ، ومناقب ابن عمر - رضي الله عنهما - ، ونوم الرجال في المسجد ، وغير ذلك .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : ( في يد كل واحد منهما مقمعة ) . هي بكسر الميم ، والمقامع سياط من حديد رءوسها معوجة قال الجوهري : المقمعة كالمحجن ، والمحجن كالصولجان . وقال الداودي : المقرعة والمقمعة واحد .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 225 ] وقوله : ( لها قرون كقرون البئر ) ، وقرنا البئر منارتان تبنيان على رأسها ، ويوضع فوقها خشب تعلق البكرة فيه ، والعزب بفتح العين والزاي . ومعنى ( لم ترع ) : لم تخف ، والروع الفزع .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : ( لو كان يكثر الصلاة ) . قال ابن التين : ليس في الرؤيا إنما هو وحي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قلت : قد سلف أنها من الملك في الرؤيا .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : ( يقبلان بي إلى جهنم ) . يقال : أقبلته (الشيء ) أي : جعلته (على ) قبالته .

                                                                                                                                                                                                                              فصل :

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث مما فسرت فيه الرؤيا على وجهها ، وفيه : دليل على توعد الله عباده ، وجواز تعذيبهم على ترك السنن .

                                                                                                                                                                                                                              وقول الملك : ( لم ترع ، نعم الرجل أنت . . ) . إلى آخره هذه الزيادة تفسر سائر طرق هذا الحديث .

                                                                                                                                                                                                                              وفيه : الحكم بالدليل ؛ لأن عبد الله استدل على أن اللذين أتياه ملكان ؛ لأنهما أوقفاه على جهنم ، ووعظاه بها ، والشيطان لا يعظ ، ولا يذكر الخير ، فاستدل بوعظهما وتذكيرهما أنهما ملكان .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : ( لم ترع ) هذا خرج على ما رآه عليه ، وعلى أنه ليس من أهل ما رآه ؛ لأنه إذا قام الدليل أنهما ملكان فلا يكون كلامهما إلا حقا ، وفيه دليل على أن ما فسر في النوم فهو تفسير في اليقظة ؛ لأن الشارع لم يزد في تفسيرها على ما فسرها الملك ، وفيه دليل على أن أصل التعبير من قبل الأنبياء ، ولذلك كانوا يتمنون أن يروا رؤيا يفسرها الشارع ؛ لتكون [ ص: 226 ] عندهم أصلا ، وهو مذهب الأشعري : أن أصل التعبير بالتوقيف من قبل الأنبياء ، وعلى ألسنتهم وهو كما قال ، لكن المحفوظ عن الأنبياء وإن كان أصلا فلا يعم أشخاص الرؤيا فلابد (للبارع ) في هذا العلم أن يستدل بحسن نظره ، فيرد ما لم ينص عليه إلى حكم التمثيل ، ويحكم له بحكم التشبيه الصحيح ، فيجعل أصلا يقاس عليه ، كما يفعل في فروع الفقه ، وفيه أيضا جواز المبيت للعزب في المسجد ، كما ترجم عليه في أحكام المساجد وجواز النيابة في الرؤيا ، وقبول خبر الواحد العدل .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية