الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              1850 [ ص: 370 ] 41 - باب: الحائض تترك الصوم والصلاة

                                                                                                                                                                                                                              وقال أبو الزناد : إن السنن ووجوه الحق لتأتي كثيرا على خلاف الرأي، فما يجد المسلمون بدا من اتباعها، من ذلك أن الحائض تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة.

                                                                                                                                                                                                                              1951 - حدثنا ابن أبي مريم، حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثني زيد، عن عياض، عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ فذلك نقصان دينها". [انظر: 304 - مسلم: 80 - فتح: 4 \ 191]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ثم ساق حديث أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ فذلك نقصان دينها ".

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث سلف في أثناء الحيض مطولا ، وأثر أبي الزناد حسن بين، وأبدله ابن بطال بأبي الدرداء فاجتنبه ، وهو أصل لترك الحائض الصوم والصلاة، وفيه من الفقه أن للمريض أن يترك الصيام وإن كان فيه نقص القوة إذا كان يدخل عليه المشقة والخوف . ألا ترى أن الحائض ليست تضعف عن الصيام ضعفا قويا، وإنما يشق عليها بعض المشقة من أجل نزف دمها وضعف النفس عند خروج الدم، معلوم ذلك من عادة البشر، فخفف بالترك وأمرت بإعادة الصيام عملا بقوله: فمن كان منكم مريضا والنزف مرض، بخلاف الصلاة فإنها [ ص: 371 ] أكبر الفرائض وأكثرها ترددا وكما يلزم من المحافظة على وضوئها والقيام إليها وإحضار النية للمناجاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين [البقرة: 45] وهي التي حطها الله تعالى في أصل الفرض من خمسين إلى خمس فلو أمرت بإعادتها لتضاعف عليها الفرض; إذ المرأة نصف دهرها ونحوه حائض، فكأن الناس يصلون صلاة واحدة وتصلي هي في كل صلاة صلاتين.

                                                                                                                                                                                                                              فرع: طهرت قبل طلوع الفجر ونوت ليلا، صح عندنا وعند مالك وأهل العراق ، وخالف ابن مسلمة فقال: تصومه وتقضيه.

                                                                                                                                                                                                                              فرع: طهرت في أثناء النهار لم يلزمها إتمامه خلافا للأوزاعي، قال مالك : أوزاعيكم يا أهل الشام كلف فتكلف، وكان رجلا صالحا.

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن بطال : اختلف الفقهاء في المرأة تطهر من حيضها في أثناء النهار، والمسافر يقدم والمريض يبرأ، فقال أبو حنيفة والأوزاعي وأحمد وإسحاق : يلزمهم كلهم الإمساك بقية النهار، وإن قدم المسافر مفطرا فلا يطأ زوجته لعظم حرمة الشهر، وقال مالك والشافعي وأبو ثور : يأكلون بقية يومهم، وللمسافر المفطر يقدم وطء زوجته إذا وجدها طهرت من حيضها ، حجة الأولين قوله - عليه السلام - يوم عاشوراء: " من أكل فليمسك بقية نهاره " فأمرهم بالإمساك مع الفطر، وهذا

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 372 ] المعنى موجود في الإقامة الطارئة في أثناء النهار، وحجة الباقين الآية فعدة من أيام أخر وهؤلاء قد أفطروا فحكم الإفطار لهم باق، والفطر رخصة للمسافر، ومن تمامها أن لا يجب عليه أكثر من يوم، فلو أمرناه بالإمساك والقضاء منعناه منها وأوجبنا عليه في بدل اليوم أكثر من يوم، والله تعالى إنما قال: فعدة من أيام أخر لذلك الحائض كان يلزمها أكثر من يوم إنما يلزم الصيام من يصح منه الذي لا قضاء معه.

                                                                                                                                                                                                                              وأما صوم عاشوراء فإنما خوطبوا به إذ ذاك ولم يعلموا غيره، وأيضا فإنهم متطوعون وأمره بالإمساك لهم على وجه الاستحباب.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية