الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              1979 2085 - حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا جرير بن حازم ، حدثنا أبو رجاء ، عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " رأيت الليلة رجلين أتياني ، فأخرجاني إلى أرض مقدسة ، فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم ، وعلى وسط النهر رجل بين يديه حجارة ، فأقبل الرجل الذي في النهر ، فإذا أراد الرجل أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فرده حيث كان ، فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر ، فيرجع كما كان ، فقلت : ما هذا ؟ فقال : الذي رأيته في النهر آكل الربا" . [انظر : 845 - مسلم: 2275 - فتح: 4 \ 313]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث عائشة : لما نزلت آخر البقرة قرأهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهم في المسجد ، ثم حرم التجارة في الخمر .

                                                                                                                                                                                                                              وحديث سمرة بن جندب : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "رأيت الليلة رجلين أتياني ، فأخرجاني إلى أرض مقدسة ، فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم ، وعلى وسط النهر رجل بين يديه حجارة ، فأقبل الرجل الذي في النهر ، فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فرده حيث كان ، فجعل كلما جاء ليخرج . . . " الحديث .

                                                                                                                                                                                                                              ثم فسره بأنه أكل الربا .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 160 ] هذه الترجمة شمل فيها . حديث ابن مسعود : لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آكل الربا وموكله .

                                                                                                                                                                                                                              قال أحد رواته : قلت : وكاتبه وشاهديه ؟ فقال : إنما نحدث بما سمعناه .

                                                                                                                                                                                                                              وعن جابر : لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ، وقال : "هم سواء" وهما من أفراد مسلم . وحديث سمرة سلف قطعة منه في الصلاة في باب : عقد الشيطان على قافية الرأس ، وآخر الجنائز مطولا ، ويأتي في التعبير إن شاء الله تعالى . وحديث عائشة سلف في الصلاة .

                                                                                                                                                                                                                              ومعنى يأكلون في الآية : يأخذون ، عبر به عن الأخذ ; لأنه الأغلب .

                                                                                                                                                                                                                              والربا : الزيادة ، وفي معناه : كل قرض جر منفعة ، ويكتب بالواو والياء والألف ، وبالميم بدل الباء مع المد ، والربية بالضم والتخفيف لغة فيه .

                                                                                                                                                                                                                              لا يقومون أي : من قبورهم ، وهو يوم القيامة .

                                                                                                                                                                                                                              يتخبطه يخفقه الشيطان من المس وهو الجنون ، وذلك لغلبة السوداء ، فنسب إلى الشيطان تشبيها بما يفعله من إغوائه به ، أو هو فعل الشيطان ; لجوازه عقلا ، وهو ظاهر الآية . وعلامة آكل الربا يوم القيامة [ ص: 161 ] أن الناس يخرجون من قبورهم سراعا إلا أكلة الربا فإنهم يقومون ويسقطون ، ويريدون السرعة فلا يقدرون .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله في حديث سمرة : "فأخرجاني إلى أرض مقدسة" أي : مطهر ، وهي دمشق وفلسطين . وترجم على الشاهد والكاتب ، ولم يذكر فيه حديثا ، وقد ذكرته لك ، وكأنه لما أعان على أكل الربا بشهادته وكتابته وكان سببا فيه معينا عليه ; فلذلك ألحق به في اللعن ، كما ستعلمه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الجوزي من حديث أبان عن أنس مرفوعا : "يأتي آكل الربا يوم القيامة مخبلا يجر شقه" ثم قرأ الآية . قلت : لأن الربا ثقله يعجز عن الإيفاض ، والفرق بين البيع (والربا) بزيادات ; لأنه في البيع أخذ عوضا عن ماله ، وهو في الربا أخذ من غير مقابل ، والإمهال ليس مالا . حتى يجعل عوضا .

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن النقيب : والصحيح أن الآية من العموم الذي خص من المجمل ، ثم جمهور العلماء على أن عقد الربا مفسوخ . وقال أبو حنيفة : هو فاسد ، إذا أزيل عنه ما يفسده انقلب صحيحا . وأكل الربا محرم بنص القرآن -كما سلف- وهو من الكبائر المتوعد عليها بمحاربة الله ورسوله ، وبما ذكره في الحديث .

                                                                                                                                                                                                                              قال الماوردي : أجمع المسلمون على تحريمه وعلى أنه من الكبائر ، وقيل : إنه كان محرما في جميع الشرائع .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية