الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              5360 - حدثنا يحيى، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن همام قال: سمعت أبا هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها عن غير أمره فله نصف أجره". [انظر: 2066 - مسلم: 1026 - فتح: 9 \ 504]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث هند السالف وليس مطابقا لما ترجم له إلا في نفقة الولد فقط; لأنه كان حاضرا في المدينة فلا ينبغي أن يستدل على القضاء على الغائب، وإن استدل به ابن بطال وغيره .

                                                                                                                                                                                                                              وحديث أبي هريرة السالف في البيوع وغيره:

                                                                                                                                                                                                                              "إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها من غير أمره فله نصف أجره".

                                                                                                                                                                                                                              وهو في صدقة التطوع، وحديث هند في الانتصاف من حق لها منعته.

                                                                                                                                                                                                                              فإن المعنى الجامع بينهما أنه كما جاز للمرأة أن تتصدق من مال زوجها من غير أمره بما يشبه وتعلم أنه يسمح الزوج بمثله -وذلك غير واجب عليه ولا عليها أن تتصدق عنه بماله- كان أخذها من مال الزوج بغير علمه، ما يجب عليه ويلزمه غرمه أولى أن تأخذه ويقضى لها به.

                                                                                                                                                                                                                              والحديث دال على وجوب نفقة الأهل والولد، وإلزام ذلك الزوج وإن كان غائبا أي: عن مجلس الحاكم، إذا كان له مال حاضر.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 38 ] واختلف العلماء في ذلك، فقالت طائفة: نفقتها ثابتة عليه في غيبته. روي ذلك عن عمر والحسن البصري، وهو قول الأربعة، خلا أبا حنيفة; فإنه قال: ليس لها نفقة عليه، إلا أن يفرضها السلطان، ولو استدانت عليه وهو غائب لم يفرض لها شيئا. ووافق الأئمة: إسحاق وأبو ثور .

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن المنذر: نفقة الزوجة فرض على زوجها، وقد وجب عليه فرض فلا يسقط عنه لغيبته إلا في حال واحد، وهي أن تعصي المرأة وتنشز عليه وتمتنع منه ، فتلك حال قد قام الإجماع على سقوطها فيها عنه إلا من شذ عنهم، وهو الحكم بن عتيبة وابن القاسم صاحب مالك، ولا التفات إلى من شذ عن الجماعة ولا يزيل وقوف الحاكم عن إنفاذ الحكم بما يجب فرضا أوجبه الله، والسنة لا حاجة لها إلى حكم الحاكم تأكيدا، والفرائض والديون التي يجب أداؤها، والوفاء بالنذور، وما يجب في الأموال من الجناية على الأبدان مثل ما يجب في الحج من الصوم، من كفارة وفدية، لا يزيله وقوف الحاكم عن الحكم به .

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: أن المرأة تقبض نفقة العيال، وأن من بخس حقه له أن يغتاب من بخسه.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: ("إلا بالمعروف"): أي: لا حرج عليك ولا تنفقي إلا بالمعروف، وقيل: لا تسرف، وليكن بالمعروف.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية