الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              465 [ ص: 12 ] 87 - باب: الصلاة في مسجد السوق

                                                                                                                                                                                                                              وصلى ابن عون في مسجد في دار يغلق عليهم الباب.

                                                                                                                                                                                                                              477 - حدثنا مسدد قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " صلاة الجميع تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه خمسا وعشرين درجة، فإن أحدكم إذا توضأ فأحسن وأتى المسجد، لا يريد إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفعه الله بها درجة، وحط عنه خطيئة، حتى يدخل المسجد، وإذا دخل المسجد كان في صلاة ما كانت تحبسه، وتصلي - يعني: عليه - الملائكة ما دام في مجلسه الذي يصلي فيه اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، ما لم يحدث فيه". [انظر: 176 - مسلم: 649 - فتح: 1 \ 564]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              كذا في نسخة سماعنا: (ابن عون) ووقع في كلام ابن المنير (ابن عمر)، ولعله تصحيف.

                                                                                                                                                                                                                              ووجه مطابقة الترجمة لحديث ابن عمر الذي ساقه، فإنه لم يصل في سوق.

                                                                                                                                                                                                                              إن البخاري أراد إثبات جواز بناء المسجد داخل السوق لئلا يتخيل المسجد في المكان المحجور لا يشرع كما أن مسجد الجمعة لا يجوز أن يكون محجورا، فنبه بصلاة ابن عمر على أن المسجد الذي صلى فيه كان محجورا، ومع ذلك فله حكم المساجد.

                                                                                                                                                                                                                              ثم خص السوق في الترجمة لئلا يتخيل أنها لما كانت شر البقاع،

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 13 ] وبها يركز الشيطان رايته كما ورد في الحديث - يمنع بذلك من اتخاذ المساجد فيها، وينافي العبادة كما (نافتها) الطرقات ومواضع العذاب والحمام شبهها فبين بهذا الحديث أنها محل للصلاة كالبيوت، فإذا كانت محلا لها جاز أن يبنى فيها المسجد، وكذا قال ابن بطال في "شرحه": فيه: أن الأسواق مواضع للصلاة وإن كان قد جاء فيها مرفوعا: "إنها شر البقاع" حكاية عن جبريل: "وخيرها المساجد" أخرجه الآجري.

                                                                                                                                                                                                                              فخشي البخاري أن يتوهم من رأى ذلك الحديث أنه لا تجوز الصلاة في الأسواق استدلالا به إذا كانت الأسواق شر البقاع والمساجد خيرها، فلا يجوز أن تعمل الصلاة في شرها فجاء في الحديث إجازة الصلاة في السوق، وأن الصلاة فيه للمنفرد درجة من خمس وعشرين درجة كصلاة المنفرد في بيته، قال: واستدل البخاري أنه إذا جازت الصلاة في السوق فرادى كان أولى أن يتخذ فيه مسجد للجماعات لفضل الجماعة كما يتخذ المساجد في البيوت عند الأعذار لفضل الجماعة.

                                                                                                                                                                                                                              ثم ساق البخاري حديث أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "صلاة [ ص: 14 ] الجميع تزيد على صلاته في بيته خمسا وعشرين درجة... " الحديث.

                                                                                                                                                                                                                              وسبق بعضه في باب الحدث في المسجد، وسيأتي في فضل صلاة الجماعة، وسنتكلم عليه هناك إن شاء الله، وفي البيوع في باب ما ذكر في الأسواق، وأخرجه مسلم هنا أيضا.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: ("لم يخط خطوة") هو بفتح الخاء وضمها، قال القرطبي: الرواية بالضم وهي واحدة الخطا وهي ما بين القدمين، وقال ابن التين: رويناه بفتحها، وهي المرة الواحدة.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: ("لا يريد إلا الصلاة") أي: لا يقصد غير ذلك، وفي رواية: لا يهزه، أي: لا يدفعه ويهزه بضم أوله أو بفتحه.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية