الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              6002 [ ص: 297 ] 36 – باب: التعوذ من غلبة الرجال

                                                                                                                                                                                                                              6363 - حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن عمرو بن أبي عمرو -مولى المطلب بن عبد الله بن حنطب- أنه سمع أنس بن مالك يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي طلحة: "التمس لنا غلاما من غلمانكم يخدمني". فخرج بي أبو طلحة يردفني وراءه، فكنت أخدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلما نزل، فكنت أسمعه يكثر أن يقول: "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين وغلبة الرجال". فلم أزل أخدمه حتى أقبلنا من خيبر، وأقبل بصفية بنت حيي قد حازها، فكنت أراه يحوي وراءه بعباءة -أو كساء- ثم يردفها وراءه، حتى إذا كنا بالصهباء صنع حيسا في نطع، ثم أرسلني فدعوت رجالا فأكلوا، وكان ذلك بناءه بها، ثم أقبل حتى بدا له أحد، قال: "هذا جبيل يحبنا ونحبه". فلما أشرف على المدينة قال: "اللهم إني أحرم ما بين جبليها مثل ما حرم به إبراهيم مكة، اللهم بارك لهم في مدهم وصاعهم". [انظر: 371 - مسلم: 1365 - فتح: 11 \ 173]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي طلحة: "التمس لنا غلاما من غلمانكم يخدمني". فخرج بي أبو طلحة يردفني وراءه، فكنت أخدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلما نزل، فكنت أسمعه يكثر أن يقول: "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين وغلبة الرجال". فلم أزل أخدمه حتى أقبلنا من خيبر، وأقبل بصفية بنت حيي قد حازها، فكنت أراه يحوي لها وراءه بعباءة.. الحديث، وقد سلف.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 298 ] ومعنى (يحوي وراءه) أي: يجعل لها حوية، خيفة أن تسقط، وهي التي تعمل حول سنام البعير.

                                                                                                                                                                                                                              قال القاضي: كذا رويناه يحوي: بضم الياء، وفتح الحاء، وتشديد الواو، وذكر ثابت والخطابي بفتح الياء وإسكان الحاء وتخفيف الواو، ورويناه كذلك عن بعض رواة البخاري، وكلاهما صحيح، وهي أن يجعل لها حوية، وهي كساء محشو بليف يدار حول سنام الراحلة، وهي مركب من مراكب النساء، وقد رواه ثابت يحول باللام، وفسره: يصلح لها عليه مركبا.

                                                                                                                                                                                                                              أما تعوذه من الهم فهو: الغم والحزن، قال القزاز: ويحتمل أن يكون من همه المرض وأنحله، مأخوذ من هم الشحم إذا أذابه، فيكون تعوذه من المرض الذي ينحل جسمه، والبخل بفتح الباء والخاء وبضم الباء وسكون الخاء كما سيأتي.

                                                                                                                                                                                                                              والجبن: بضم الجيم والباء وسكونها.

                                                                                                                                                                                                                              وضلع الدين: ثقله بفتح الضاد واللام، وقد تؤدي ضرورته إلى أن يحدث فيكذب، ويعد فيخلف.

                                                                                                                                                                                                                              ويقال: ما دخل هم الدين قلب أحد إلا ذهب من عقله ما لا يعود إليه أبدا، وهذا في الدين الفادح.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              قوله: (فلم أزل أخدمه). يعني: إلى موته ثم ابتدأ فقال: (حتى إذا أقبلنا)، تقول: فلما أقبلنا.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 299 ] فصل:

                                                                                                                                                                                                                              العباءة بالمد: ضرب من الأكسية، والصهباء: من أدنى خيبر إلى جهة المدينة، والحيس: تمر يخلط بسمن أو أقط قال الراجز:


                                                                                                                                                                                                                              الحيس إلا أنه لم يختلط التمر والسمن معا ثم الأقط



                                                                                                                                                                                                                              وقال الداودي: هو شيء يصنع من التمر والسويق والسمن أو الزيت، وربما كان مع ذلك أقط.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (وكان ذلك بناءه بها)، فيه حجة على من أنكر أن يقال: بنى الرجل بأهله، وقال: إنما يقال: بنى عليها. وقوله: ("وبارك لهم في مدهم وصاعهم") أي: فيما يكال بهما.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية