الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1478 [ 721 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا الثقة، عن يحيى بن أبي [ ص: 447 ] أنيسة، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثله أو مثل معناه لا يخالفه .

التالي السابق


الشرح

يحيى بن أبي أنيسة: هو الجزري أخو زيد بن أبي أنيسة.

روى عن: عمرو بن شعيب، والزهري.

قال البخاري: ليس بذاك .

والحديث الأول قد سبق مرة من رواية الشافعي عن سعيد عن ابن جريج عن جعفر بن محمد عن أبيه، لكن لا يضر انقطاعه; فإنه قد ثبت موصولا من غير هذه الرواية، ففي الصحيحين عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة; أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترى طعاما من يهودي نسيئة ورهنه درعا له من حديد . وروى البخاري عن محمد بن كثير عن سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير، وروى عن مسلم بن إبراهيم عن هشام عن قتادة عن أنس قال: مشيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بخبز شعير وإهالة سنخة، ولقد رهن درعه [ ص: 448 ] بشعير .

واحتج بالقصة على جواز الرهن بالثمن وجواز الرهن في الحضر وإن كانت آية الرهن متعرضة للسفر، وعلى جواز الشراء نسيئة، وعلى جواز معاملة أهل الذمة وإن كان لا يؤمن في مالهم الربا وثمن الخمر، وعلى جواز رهن السلاح منهم.

وقول عائشة: بثلاثين صاعا من شعير، وقول أنس: بشعير، كأن الثمن مضمر فيهما، ويحتمل أنه استقرض ذاك وكان هذا رهنا آخر.

والحديث الثاني مرسل من الرواية الأولى وكذلك رواه سفيان الثوري عن ابن أبي ذئب والأوزاعي ويونس بن يزيد ومعمر عن الزهري، وموصول من الرواية الثانية، وكذلك [رواه] إسماعيل بن عياش عن ابن أبي ذئب، وزياد بن سعد عن الزهري وجعل بعض الرواة آخر الحديث، وهو قوله: "له غنمه وعليه غرمه" من كلام ابن المسيب .

ويقال: غلق الرهن أي بقي محبسا لا يفتك، قال زهير:


فارقتك برهن لا فكاك له ... يوم الوداع فأمسى الرهن قد غلقا

[ ص: 449 ] ثم قيل: معناه أن الرهن لا يستغلق بحيث لا يعود إلى الراهن، بل له أن يؤدي الحق متى شاء ويأخذ المرهون، وقيل: معناه أن المرتهن لا يستحقه بأن يقول الراهن: إن جئتك بحقك وقت كذا فذاك وإلا فهو لك بحقك، ويروى هذا عن إبراهيم النخعي ومالك.

وقوله: "الرهن من صاحبه" قيل: أي لصاحبه، وقيل أنه من ضمان صاحبه، واحتج به على أنه إذا هلك لا يسقط من الدين شيء; لأنه لو سقط لكان قد هلك من مال المرتهن لا من مال صاحبه.

واحتج بقوله: "له غنمه" على أن زوائد المرهون للراهن لا حق فيها للمرتهن، وعلى أن المنافع للراهن ولا تعطل عليه.

وبقوله: "وعليه غرمه" على أن النفقة والمؤنة عليه، وفي الصحيح من حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا، ولبن الدر يشرب إذا كان مرهونا بنفقته، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة .




الخدمات العلمية