الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1607 [ 1488 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا مالك، عن زيد بن أسلم؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " "من غير دينه فاضربوا عنقه" . .

التالي السابق


الشرح

حديث عكرمة أخرجه البخاري في "الصحيح" عن علي بن عبد الله عن سفيان، وأيضا عن أبي النعمان عن حماد بن زيد عن أيوب، ورواه عبد الوهاب الثقفي عن أيوب وزاد: فبلغ عليا فقال: صدق ابن عباس."

واشتمل حديث ابن عباس على جملتين:

إحديهما: أن من بدل دينه يقتل، ويوافقه حديث زيد بن أسلم المرسل مع التنصيص على طريق القتل، وقضية عموم اللفظ أن تقتل [ ص: 115 ] المرأة إذا ارتدت، وهو قول الشافعي وأحمد، وعند أبي حنيفة: تحبس ولا تقتل، ويروى هذا عن ابن عباس، ويدل على المذهب الأول ما روي عن جابر؛ أن امرأة يقال لها: أم مروان ارتدت عن الإسلام، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعرض عليها الإسلام فإن رجعت وإلا قتلت .

وعن أبي بكر رضي الله عنه أنه قتل امرأة يقال لها: أم قرفة في الردة .

وعن خالد بن الوليد؛ أنه قتل امرأة سبت النبي - صلى الله عليه وسلم - .

ولا يخفى أن في لفظ الخبر إضمارا، المعنى: من بدل دينه وأصر أو ولم يسلم، وقد يحتج به للقول الصائر إلى أن اليهودي إذا تنصر يقتل إن لم يسلم.

والجملة الثانية: أنه لا ينبغي أن يعذب بعذاب الله.

ويروى عن أبي هريرة في "الصحيح" أنه قال: بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعث وقال: "إن وجدتم فلانا وفلانا" لرجلين من قريش فأحرقوهما بالنار، ثم قال حين أردنا الخروج: "إني كنت أمرتكم أن تحرقوا فلانا وفلانا بالنار، وإن النار لا يعذب بها إلا الله، فإن وجدتموهما فاقتلوهما .

ويروى مثله عن حمزة بن عمرو الأسلمي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 116 ] .

ولا يخالف ذلك حديث أسامة حيث أمره - صلى الله عليه وسلم - بالتحريق؛ لأن ذلك في المشركين الممتنعين، وهذا بعد أسر المشرك والقدرة عليه، وشبهه الشافعي بأن الصيد يحل رميه ما دام ممتنعا، فإذا أخذ ذبح ولم يتخذ غرضا.




الخدمات العلمية