الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
748 الأصل

[ 458 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا ابن عيينة، عن ابن طاوس، عن أبيه قال: استعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبادة بن الصامت على الصدقة فقال: اتق يا أبا الوليد، لا تأتي يوم القيامة ببعير تحمله على رقبتك له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة لها ثؤاج.

فقال: يا رسول الله، وإن ذا لكذا؟

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إي والذي نفسي في يده إلا من رحم الله.

قال: والذي بعثك بالحق لا أعمل على اثنين أبدا .


التالي السابق


الشرح

عبادة: هو ابن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر بن غنم بن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج، أبو الوليد الأنصاري، من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - البدريين، وهو أخو أوس بن الصامت، سكن الشام.

روى عنه: محمود بن الربيع، وابنه الوليد بن عبادة، وأبو إدريس [ ص: 166 ] الخولاني، وأبو الأشعث الصنعاني، وغيرهم.

مات سنة أربع وثلاثين، قيل: بالرملة من الشام، والأشهر أنه بقبرس وبها يزار قبره .

وقوله: "اتق يا أبا الوليد" يعني: في أمر الصدقة، ويدخل فيه قبول الهدايا المحظورة والخيانة في الصدقة المأخوذة، وأورد الشافعي قصة عبادة هذا في باب ترجمه بـ "الغلول في الصدقة".

والثؤاج: صوت النعجة، وقد يطلق فيقال: صياح الغنم، وكذلك هو في ديوان الأدب يقال: ثأجت الغنم تثأج ثؤاجا.

وقوله: "إي والذي نفسي بيده" أي: نعم.

وقوله: "إلا من رحم الله" يجوز أن يريد رحمه بالتوفيق للاحتراز عما يوجب تلك العقوبة، ويجوز أن يريد إلا من عفا عنه بعد ارتكاب الجريمة.

وقوله: "والذي بعثك بالحق لا أعمل على اثنين أبدا" كأنه أراد عمل الزكاة; لأنه روي أن عبادة مات بقبرس واليا عليها من قبل عمر -رضي الله عنه-، والظاهر من حال الصحابة الوفاء بما قالوه وحلفوا عليه.




الخدمات العلمية