الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
647 الأصل

[ 477 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا مالك، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر، عن أبي يونس -مولى عائشة- عن عائشة أن رجلا قال [ ص: 190 ] لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي تسمع: إني أصبح جنبا وأنا أريد الصيام.

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وأنا أصبح جنبا وأنا أريد الصيام فأغتسل ثم أصوم ذلك اليوم.

فقال الرجل: إنك لست مثلنا قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي .
.

التالي السابق


الشرح

أبو يونس مولى عائشة لا يعرف له اسم. روى عن: عائشة.

وروى عنه: عبد الله بن عبد الرحمن أبو طوالة، والقعقاع بن حكيم .

والحديث صحيح أخرجه مسلم عن يحيى بن أيوب وغيره، عن إسماعيل بن جعفر، عن عبد الله بن عبد الرحمن.

وفيه بيان أن الإصباح جنبا لا يمنع صحة الصوم، وقد روي في الصحيحين عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن عائشة وأم سلمة; أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصبح جنبا من جماعة ثم يصوم وبهذا قال عامة العلماء، وما روي عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن من أدركه الفجر جنبا فلا صوم له ففي الصحيح أن أبا هريرة روجع [ ص: 191 ] في ذلك وأخبر بما قالت عائشة وأم سلمة فقال: هما أعلم، لم أسمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم -، إنما أخبرنيه الفضل بن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وعن أبي بكر بن المنذر وغيره: أن ما رواه أبو هريرة منسوخ وأن ذلك كان في ابتداء الإسلام حين كان الجماع محرما بعد النوم في ليالي الصوم وكان أبو هريرة يفتي بما سمعه من الفضل بن عباس فلما بلغه ما روته عائشة وأم سلمة علم النسخ.

وقد روي عن ابن المسيب; أن أبا هريرة رجع عن فتياه أن من أصبح جنبا لا يصوم .

ومنه من حمل ما رواه على ما إذا أدركه الفجر وهو مجامع، وقد يتأول على أنه لا يكمل صومه فإن الأحب تقديم الغسل على طلوع الفجر.

وأما غضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قاله ذلك الرجل; فلأنه أوهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما كان موعودا بالمغفرة فربما يتبسط ويتساهل اعتمادا على الغفران، فبين أنه أخشى الناس وأعلم بما يتقى، وأنه يجتنب ما نهي عنه تعظيما لأمر الله تعالى وإن لم يخف مؤاخذة.




الخدمات العلمية