الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                1436 1437 1438 1439 1440 1441 ص: حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، عن سعيد وأبي سلمة ، أنهما سمعا أبا هريرة يقول: " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول حين يفرغ من صلاة الفجر من القراءة، ويكبر ويرفع رأسه ويقول: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد. يقول وهو قائم: اللهم أنج الوليد بن الوليد، ، وسلمة بن هشام، ، وعياش بن أبي ربيعة، ، والمستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، ، واجعلها عليهم كسني يوسف، ، اللهم العن لحيانا ورعلا وذكوان، ، وعصية عصت الله ورسوله". .

                                                حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا هشام بن أبي عبد الله ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة: "أن رسول الله - عليه السلام - كان إذا صلى العشاء الآخرة فرفع رأسه من الركوع قال: اللهم أنج الوليد ... " ثم ذكر مثله.

                                                حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود ، قال: ثنا هشام ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة، قال: قال أبو هريرة: " لأرينكم صلاة رسول الله - عليه السلام - أو كلمة نحوها- فكان إذا رفع رأسه من الركوع وقال: سمع الله لمن حمده. دعا للمؤمنين ولعن الكافرين". .

                                                [ ص: 312 ] حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا عبد الله بن بكر، قال: ثنا هشام بن أبي عبد الله ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله - عليه السلام -: "أنه كان إذا قال: سمع الله لمن حمده في الركعة الآخرة من صلاة العشاء قال: اللهم أنج الوليد ... ثم ذكر مثل حديث أبي بكرة عن أبي داود .

                                                حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون ، قال: ثنا الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي ، عن يحيى ، قال: حدثني أبو سلمة ، عن أبي هريرة مثله.

                                                قال أبو هريرة: وأصبح ذات يوم ولم يدع لهم، فذكرت ذلك فقالوا: أوما تراهم قد قدموا؟ ".

                                                حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل، قال: ثنا إبراهيم بن سعد، قال: ثنا ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة ، عن أبي هريرة: "أن رسول الله - عليه السلام - كان إذا أراد أن يدعو لأحد أو يدعو على أحد قنت بعد الركوع، وربما قال إذا قال: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد: اللهم أنج الوليد ... " ثم ذكر مثله، غير أنه لم يذكر قول أبي هريرة - رضي الله عنه -: "فأصبح ذات يوم فلم يدع لهم ... إلى آخر الحديث. وزاد: "قال: يجهر به، وكان يقول في بعض صلاته: اللهم العن فلانا وفلانا -أحياء من العرب- فأنزل الله -عز وجل-: ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ".

                                                التالي السابق


                                                ش: هذه ستة طرق صحاح:

                                                الأول: قد أخرجه بعينه في آخر الباب الذي قبله، ولكن اقتصر هناك وذكر إلى قوله: "اللهم أنج الوليد بن الوليد" وذكرنا هناك أن مسلما أخرجه بهذا الإسناد، وأن البخاري أيضا أخرجه.

                                                [ ص: 313 ] الثاني: عن أبي بكرة بكار ، عن أبي داود سليمان بن داود الطيالسي ، عن هشام الدستوائي ، عن يحيى بن أبي كثير اليمامي ، عن أبي سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبي هريرة .

                                                وأخرجه أحمد في "مسنده" : ثنا عبد الملك بن عمرو، ثنا هشام ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة: "أن النبي - عليه السلام - كان إذا رفع رأسه من الركعة الآخرة من صلاة العشاء الآخرة قنت وقال: اللهم نج الوليد بن الوليد، اللهم نج سلمة بن هشام، اللهم نج عياش بن أبي ربيعة، اللهم نج المستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها سنين كسني يوسف".

                                                الثالث: هو عين الإسناد الثاني غير أن المتن مختلف.

                                                وأخرجه البخاري : ثنا معاذ بن فضالة، قال: ثنا هشام ، عن يحيى ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال: "لأقربن صلاة النبي - عليه السلام -، فكان أبو هريرة يقنت في الركعة الأخرى من صلاة الظهر وصلاة العشاء وصلاة الصبح بعدما يقول: سمع الله لمن حمده; فيدعو للمؤمنين، ويلعن الكافرين".

                                                وأخرجه مسلم : ثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا معاذ بن هشام، قال: حدثني أبي، عن يحيى بن أبي كثير ... إلى آخره نحوه، وليس في لفظه: "بعد ما يقول: سمع الله لمن حمده".

                                                وأخرجه أبو داود : ثنا داود بن أمية، نا معاذ -يعني ابن هشام- حدثني أبي، عن يحيى بن أبي كثير ... إلى آخره نحو رواية مسلم .

                                                [ ص: 314 ] قوله: "لأرينكم" اللام فيه مفتوحة لأنها للتأكيد، وأرينكم بنون التأكيد من الإراءة، و"صلاة رسول الله - عليه السلام -" بالنصب مفعوله الثاني.

                                                قوله: "أو كلمة نحوها" شك من الراوي، أي نحو لفظة: "لأرينكم" وهي نحو قوله: "لأقربن بكم" كما في رواية البخاري وغيره ، من التقريب ومعناه: لآتينكم بما يشبهها وما يقرب منها.

                                                وفي رواية للنسائي : "إني لأقربكم شبها بصلاة رسول الله - عليه السلام -".

                                                الرابع: عن علي بن شيبة بن الصلت السدوسي ، عن عبد الله بن بكر بن حبيب السهمي شيخ أحمد ، عن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ، عن يحيى بن أبي كثير الطائي اليمامي ، عن أبي سلمة عبد الله ، عن أبي هريرة .

                                                وأخرجه مسلم : حدثني زهير بن حرب، قال: حدثنا حسين بن محمد، قال: ثنا شيبان ، عن يحيى ، عن أبي سلمة، أن أبا هريرة أخبره: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينما هو يصلي العشاء إذ قال: سمع الله لمن حمده. ثم قال قبل أن يسجد: اللهم نج عياش بن أبي ربيعة ... " الحديث.

                                                الخامس: عن محمد بن عبد الله بن ميمون البغدادي ، عن الوليد بن مسلم الدمشقي ، عن عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة، مثله إلى آخره.

                                                وأخرجه مسلم : ثنا محمد بن مهران الرازي، ثنا الوليد بن مسلم، قال: ثنا الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة، أن أبا هريرة - رضي الله عنه - حدثهم: "أن [ ص: 315 ] النبي - عليه السلام - قنت بعد الركعة في صلاة شهرا إذا قال: سمع الله لمن حمده. يقول في قنوته: اللهم أنج الوليد بن الوليد، اللهم نج سلمة بن هشام، اللهم نج عياش بن أبي ربيعة، اللهم نج المستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف. قال أبو هريرة: ثم رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك الدعاء بعد، فقلت: أرى رسول الله - عليه السلام - قد ترك الدعاء لهم. قال: فقيل: وما تراهم قد قدموا؟ ".

                                                وأخرجه أبو داود نحوه.

                                                قوله: "أوما تراهم" الهمزة فيه للاستفهام، والضمير يرجع إلى الذين كان - عليه السلام - يدعو لهم، وهم الوليد بن الوليد ، وسلمة بن هشام ، وعياش بن أبي ربيعة .

                                                قوله: "قد قدموا" أي خلصوا من أسر الكفار بمكة وقدموا إلى رسول الله - عليه السلام -، وإنما كان - عليه السلام - يقنت لأجلهم، فلما خلصوا وقدموا ترك الدعاء.

                                                السادس: عن أحمد بن داود المكي شيخ الطبراني أيضا، عن أبي سلمة موسى بن إسماعيل المنقري التبوذكي شيخ البخاري وأبي داود ، عن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف المدني ، عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف، كلاهما عن أبي هريرة .

                                                وأخرجه البخاري : ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا إبراهيم بن سعد، ثنا ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة: "أن رسول الله - عليه السلام - كان إذا أراد أن يدعو على أحد أو يدعو لأحد قنت بعد الركوع، فربما قال -إذا قال: سمع الله لمن حمده اللهم ربنا لك الحمد-: اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام ، وعياش بن أبي ربيعة، اللهم اشدد وطأتك [ ص: 316 ] على مضر واجعلها سنين كسني يوسف -يجهر بذلك- وكان يقول في بعض صلاته -في صلاة الفجر-: اللهم العن فلانا وفلانا -لأحياء من العرب- حتى أنزل الله: ليس لك من الأمر شيء " .

                                                قوله: "اللهم أنج الوليد" مقول لقوله: "وربما قال".

                                                وقوله: "سمع الله لمن حمده" مقول لقوله: "إذا قال".

                                                قوله: "أحياء" بالنصب عطف بيان لقوله: "فلانا وفلانا".

                                                قوله: "ليس لك من الأمر شيء" يعني أن الله تعالى هو مالك أمرهم، فإما أن يهلكهم، أو يهزمهم، أو يتوب عليهم إن أسلموا، أو يعذبهم إن أصروا على الكفر، وليس لك من أمرهم شيء، إنما أنت عبد مبعوث لإنذارهم ومجاهداتهم.

                                                وقال الزمخشري: وقيل: انتصاب "يتوب" بإضمار "أن" و"أن يتوب" في حكم اسم معطوف بأو على "الأمر" أو على قوله: "شيء" أي: ليس لك من أمرهم شيء أو من التوبة عليهم أو من تعذيبهم. أو: ليس لك من أمرهم شيء أو التوبة عليهم أو تعذبهم.

                                                وقيل: "أو" بمعنى "إلا أن" كقولك: لألزمنك أو تعطيني حقي. على معنى: ليس لك من أمرهم شيء إلا أن يتوب الله عليهم فتفرح بحالهم، أو يعذبهم فتتشفى منهم.




                                                الخدمات العلمية