الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                1473 ص: وحجة أخرى أن في حديث ابن إيماء: " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال حين رفع رأسه من الركوع: غفار غفر الله لها -حتى ذكر ما ذكر في حديثه- ثم قال: الله أكبر وخر ساجدا".

                                                فثبت بذلك أن جميع ما كان يقوله هو ما ترك بنزول تلك الآية، وما كان يدعو به مع ذلك من دعائه للأسرى الذين كانوا بمكة، ، ثم ترك ذلك عندما قدموا، وقد روى أبو هريرة أيضا في حديث يحيى بن أبي كثير الذي قد رويناه فيما تقدم منا في هذا الباب عنه، عن أبي سلمة، ، عن أبي هريرة يذكر القنوت، . وفيه: قال أبو هريرة: " وأصبح ذات يوم ولم يدع لهم، فذكرت ذلك، فقال: أوما تراهم قد قدموا؟ " ففي ذلك أن رسول الله - عليه السلام - كان يقول ذلك الحديث في العشاء الآخرة كما كان يقول في الصبح، وقد أجمعوا أن ذلك منسوخ في صلاة العشاء بكماله لا إلى قنوت غيره، فالفجر أيضا في النسخ كذلك.

                                                التالي السابق


                                                ش: هذا جواب آخر عن السؤال المذكور، تقريره أن يقال: إن في حديث خفاف بن إيماء الذي مر ذكره في هذا الباب أن رسول الله - عليه السلام - دعا لقوم ودعا على آخرين، ثم قال: الله أكبر وخر ساجدا وأن جميع ذلك ترك بنزول الآية المذكورة، حتى الدعاء الذي كان يدعو به للأسرى الذين كانوا بمكة، فحين ما قدموا ترك ذلك، وقد صرح بذلك في الحديث الذي رواه يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال: "وأصبح ذات يوم ولم يدع لهم، فذكرت ذلك، فقال: أوما تراهم قد قدموا" وفي هذا الحديث أيضا كان يقول ذلك القنوت في صلاة العشاء الآخرة، كما كان يقوله في الصبح، وقد أجمع الخصم معنا أن ذلك منسوخ في صلاة العشاء بكماله لا إلى قنوت غيره، فإذا كان هذا منسوخا، فكذلك يكون القنوت الذي في الفجر منسوخا بكماله لا إلى قنوت غيره.

                                                [ ص: 361 ] وقولهم: المنسوخ ليس القنوت كله بل إنما كان الدعاء على من دعا عليه أو له، وأما القنوت الذي كان معه باق في الصبح; تحكم وتخصيص بلا مخصص وهو باطل، ولئن سلمنا بقاء القنوت وانتساخ الدعاء فلم يختص بذلك الصبح؟ فهلا يقنت في العشاء أيضا؟ فتخصيص الصبح وترك العشاء تحكم بلا دليل، وأما قنوت أبي هريرة بعد النبي - عليه السلام - فلما ذكرناه عن قريب، على أن جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم - لم يكونوا يقنتون في الصبح على ما يجيء، وليس فعل أبي هريرة بأولى وأحق من فعلهم.




                                                الخدمات العلمية