الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                3193 ص: ويكون حكم النية التي يدخل بها في الصوم على ثلاثة أوجه :

                                                فما كان منه فرضا في يوم بعينه كانت تلك النية مجزئة قبل دخول ذلك اليوم في الليل ، وفي ذلك اليوم أيضا .

                                                وما كان منه فرضا لا في يوم بعينه كانت النية التي يدخل بها فيه في الليلة التي قبله ولم يجز بعد دخول اليوم .

                                                وما كان منه تطوعا كانت النية التي يدخل بها فيه في الليل الذي قبله وفي النهار الذي بعد ذلك .

                                                فهذا هو الوجه الذي تخرج عليه الآثار التي ذكرنا ولا تتضاد . فهو أولى ما حملت عليه ، وإلى ذلك كان يذهب أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد رحمهم الله ، إلا أنهم كانوا يقولون : ما كان منه تجزئ النية فيه بعد طلوع الفجر مما ذكرنا فإنها تجزئ في صدر النهار الأول ، ولا تجزئ فيما بعد ذلك .

                                                التالي السابق


                                                ش: لما كانت أحاديث هذا الباب على ثلاثة أنواع ، صارت نية الصوم أيضا ثلاثة أنواع :

                                                الأول : النية التي توجد في الصوم المفروض في يوم معين ، فإنها تجوز في ليل ذلك اليوم ، وتجوز في اليوم أيضا ، وهو معنى قوله : "فما كان منه فرضا في يوم بعينه . . . " إلى آخره .

                                                [ ص: 294 ] الثاني : النية التي توجد في الصوم المفروض لا في يوم معين فإنها لا تجوز إلا في الليل ، وهو معنى قوله : "وما كان منه فرضا لا في يوم بعينه . . . " إلى آخره .

                                                الثالث : النية التي تجوز في الليل والنهار ، وهو معنى قوله : "وما كان تطوعا . . . " إلى آخره .

                                                قوله : "وإلى ذلك " أي : إلى هذا التخريج والتقسيم يذهب أبو حنيفة وصاحباه .

                                                قوله : "إلا أنهم . . . إلى آخره " إشارة إلى أن أبا حنيفة وصاحبيه وإن كانوا جوزوا صوم التطوع بنية من النهار ، ولكن قيدوا ذلك بأن يكون إلى ما قبل الزوال ، حتى لو نوى بعد الزوال لا يجوز ، وقد ذكرنا الفرق فيه فيما مضى ، والله أعلم .




                                                الخدمات العلمية