الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                3647 3648 3649 3650 ص: حدثنا يونس ، قال : ثنا ابن وهب ، أن مالكا حدثه ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة : "أن رسول الله - عليه السلام - أفرد الحج" .

                                                [ ص: 155 ] حدثنا ربيع المؤذن ، قال : ثنا أسد - هو ابن موسى - قال : ثنا أبو عوانة ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة قالت : " خرجنا ولا نرى إلا أنه الحج" .

                                                حدثنا ابن مرزوق ، قال : ثنا بشر بن عمر ، قال : ثنا مالك ، عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل ، عن عروة ، عن عائشة قالت : "خرجنا مع رسول الله - عليه السلام - عام حجة الوداع ، منا من أهل بعمرة ، ومنا من أهل بحج وعمرة ، ومنا من أهل بحج ، وأهل رسول الله - عليه السلام - بالحج ، فأما من أهل بالعمرة فحل ، وأما من أهل بالحج أو جمع بين الحج والعمرة فلم يحل حتى يوم النحر .

                                                حدثنا ابن أبي داود ، قال : ثنا ابن أبي مريم ، قال : أخبرني ابن أبي الزناد ، قال : حدثنا علقمة بن أبي علقمة ، عن أمه ، عن عائشة : " أن رسول الله - عليه السلام - أمر الناس عام حجة الوداع فقال من أحب أن يبدأ بالعمرة قبل الحج فليفعل ، وإن رسول الله - عليه السلام - أفرد الحج" . .

                                                التالي السابق


                                                ش: هذه أربع طرق صحاح .

                                                الأول : رجاله كلهم رجال الصحيح .

                                                وأخرجه مسلم : عن إسماعيل بن أبي أويس ، حدثني خالي مالك بن أنس ، وعن يحيى بن يحيى ، عن مالك . . . إلى آخره نحوه .

                                                وأبو داود : عن القعنبي ، عن مالك .

                                                والترمذي : عن أبي مصعب ، عن مالك .

                                                والنسائي : عن عبيد الله بن سعيد وإسحاق بن منصور ، عن عبد الرحمن ، عن مالك .

                                                [ ص: 156 ] وابن ماجه : عن هشام بن عمار وأبي مصعب ، كلاهما عن مالك .

                                                الثاني : عن ربيع بن سليمان ، عن أسد السنة ، عن أبي عوانة الوضاح اليشكري ، عن منصور بن زاذان ، عن إبراهيم النخعي ، عن الأسود بن يزيد ، عن عائشة .

                                                وأخرجه البخاري : بأتم منه ، ثنا عثمان بن جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة : "خرجنا مع النبي - عليه السلام - ولا نرى إلا أنه الحج ، فلما قدمنا تطوفنا بالبيت ، فأمر النبي - عليه السلام - من لم يكن ساق الهدي ، [أن] يحل ، فحل من لم يكن ساق الهدي ، ونساؤه لم يسقن فأحللن ، قالت عائشة : فحضت فلم أطف ، فلما كانت ليلة الحصبة ، قلت : يا رسول الله رجع الناس بعمرة وحج وأرجع أنا بحجة ؟ ! قال : وما طفت ليالي قدمنا مكة ؟ قلت : لا ، قال : فاذهبي مع أخيك إلى التنعيم فأهلي بعمرة ثم موعدك كذا وكذا . وقالت صفية : ما أراني إلا حابستهم ، قال : عقرى حلقى ، أوما طفت يوم النحر ؟ قالت : قلت : بلى ، قال : لا بأس انفري . قالت عائشة : فلقيني النبي - عليه السلام - وهو مصعد من مكة وأنا منهبطة عليها ، أو [أنا مصعدة و] وهو منهبط منها" .

                                                قوله : "ولا نرى إلا أنه الحج" قال ابن التين ضبطه بعضهم بفتح النون وبعضهم بضمها .

                                                قال القرطبي : أي لا نظن ، وكان هذا قبل أن يعلمن بأحكام الإحرام وأنواعه ، وقيل : يحتمل أن ذلك كان اعتقادها من قبل أن تهل ، ثم أهلت بعمرة ، ويحتمل أن تريد بقولها : "لا نرى" حكاية عن فعل غيرها من الصحابة ، وهم كانوا لا يعرفون إلا الحج ، ولم يكونوا يعرفون العمرة في أشهر الحج ، فخرجوا محرمين بالذي لا يعرفون غيره .

                                                [ ص: 157 ] وزعم القاضي عياض أنها كانت أحرمت بالحج ، ثم أحرمت بالعمرة ، ثم أحرمت بالحج .

                                                ويدل على أن المراد بقولها : "لا نرى إلا الحج" عن فعل غيرها .

                                                قولها : "فلما قدمنا تطوفنا بالبيت" تعني بذلك النبي - عليه السلام - والناس غيرها ، لأنها لم تطف بالبيت ذلك ؛ الوقت لأجل حيضها .

                                                الثالث : عن إبراهيم بن مرزوق ، عن بشر بن عمر الزهراني ، عن مالك . . . إلى آخره .

                                                وأخرجه مسلم : ثنا يحيى بن يحيى ، قال : قرأت على مالك ، عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل ، عن عروة ، عن عائشة أنها قالت : "خرجنا مع رسول الله - عليه السلام - عام حجة الوداع . . . " إلى آخره نحوه .

                                                وأخرجه البخاري : عن عبد الله بن يوسف ، عن مالك .

                                                والنسائي وابن ماجه : كذلك نحوه .

                                                وهذا الحديث مشتمل على أحكام :

                                                الأول : فيه أن أقسام الحج ثلاثة : الإفراد والتمتع والقران ، أما الإفراد في قولها ومنا من أهل بحج ، وأما التمتع والقران فإن قولها ومنا من أهل بحج وعمرة وهو بعمومه يتناول التمتع والقران .

                                                الثاني : استدلت به طائفة على أن الإفراد بالحج هو الأفضل ؛ لقولها : وأهل رسول الله - عليه السلام - بالحج .

                                                [ ص: 158 ] الثالث : فيه بيان أن من جمع بين الحج والعمرة الذي هو القارن ، أو المتمتع الذي ساق هديه ، لا يحل إلا يوم النحر بعد الحلق وطواف الزيارة .

                                                الرابع : عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن سعيد من الحكم المعروف بابن أبي مريم المصري شيخ البخاري ، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد - بالنون - واسمه عبد الله بن ذكوان ، عن علقمة بن أبي علقمة بلال المدني مولى عائشة أم المؤمنين روى له الجماعة ، عن أمه مرجانة ، وثقها ابن حبان وروى لها أبو داود والترمذي والنسائي .

                                                وأخرجه أحمد في "مسنده" : ثنا قتيبة بن سعيد ] ، ثنا عبد العزيز بن محمد ، عن علقمة ، عن أمه ، عن عائشة : "أن رسول الله - عليه السلام - أمر الناس عام حجة الوداع فقال : من أحب أن يبدأ منكم بعمرة قبل الحج فليفعل ، فأفرد رسول الله - عليه السلام - بالحج ولم يعتمر" .




                                                الخدمات العلمية