الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
11230 5073 - (11624) - (3\65) عن أبي سلمة، قال: كان أبو هريرة يحدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: " إن في الجمعة ساعة لا يوافقها مسلم وهو في صلاة، يسأل الله خيرا إلا آتاه إياه " . قال: وقللها أبو هريرة بيده. قال: فلما توفي أبو هريرة، قلت: والله! لو جئت أبا سعيد فسالته عن هذه الساعة أن يكون عنده منها علم، فأتيته، فأجده يقوم عراجين، فقلت: يا أبا سعيد! ما هذه العراجين التي أراك تقوم؟ قال: هذه عراجين جعل الله لنا فيها بركة، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبها ويتخصر بها، فكنا نقومها ونأتيه بها، فرأى بصاقا في قبلة المسجد، وفي يده عرجون من تلك العراجين، فحكه، وقال: " إذا كان أحدكم في صلاته، فلا يبصق أمامه; فإن ربه أمامه، وليبصق عن يساره أو تحت قدمه، فإن لم " قال سريج: " فإن لم يجد مبصقا ففي ثوبه أو نعله " ، قال: ثم هاجت السماء من تلك الليلة، فلما خرج النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء الآخرة، برقت برقة، فرأى قتادة بن النعمان، فقال: " ما السرى يا قتادة؟ " ، قال: علمت يا رسول الله أن شاهد الصلاة قليل، فأحببت أن أشهدها. قال: " فإذا صليت، فاثبت حتى أمر بك " . فلما انصرف أعطاه العرجون، وقال: " خذ هذا، فسيضيء لك أمامك عشرا وخلفك عشرا، فإذا دخلت البيت، وتراءيت سوادا في زاوية البيت، فاضربه قبل أن يتكلم، فإنه شيطان " ، قال: ففعل، فنحن نحب هذه العراجين لذلك. قال: قلت: يا أبا سعيد! إن أبا هريرة حدثنا عن الساعة التي في الجمعة، فهل عندك منها علم؟ فقال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عنها، فقال: " إني كنت قد أعلمتها، ثم أنسيتها كما أنسيت ليلة القدر " ، قال: ثم خرجت من عنده، فدخلت على عبد الله بن سلام.

[ ص: 9 ]

التالي السابق


[ ص: 9 ] * قوله: " أن يكون عنده منها علم " : أي: رجاء أن يكون عنده منها علم، وفي الأصل القديم: " إن يكن عنده " بـ " إن " الشرطية، والجواب مقدر; أي: يجبني به.

* " يقوم " : من التقويم.

* " ويتخصر بها " : أي: يتخذ منها مخصرة - بكسر ميم وسكون معجمة وبمهملة - : ما يتوكأ عليه; من العصا والسوط، وكانت المخصرة من شعار الملوك.

* " برقت برقة " : أي: لمعت.

* " فرأى " : أي: النبي صلى الله عليه وسلم في ضوء تلك البرقة.

* " قتادة " : - بالنصب - : مفعول الرؤية.

* " ما السرى " : السرى; كهدى: هو السير بالليل; أي: ما سبب مجيئك في هذا الوقت؟

* " وسيضيء " : من الإضاءة.

* " عشرا " : الظاهر أن المراد: عشر أذرع.

* " أعلمتها ثم أنسيتها " : الفعلان على بناء المفعول; من الإعلام والإنساء.

وفي " المجمع " : قلت: حديث أبي هريرة في " الصحيح " ، وحديث أبي سعيد في حك البصاق أيضا رواه أحمد، والبزار بنحوه، وزاد: ثم خرجت من عنده - يعني: من عند أبي سعيد - حتى أتيت دار رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال: قلت: هذا رجل قد قرأ التوراة، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فدخلت عليه، فقلت: أخبرني عن هذه الساعة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيها ما يقول في يوم الجمعة، قال: " نعم، خلق الله آدم يوم الجمعة، وأسكنه الجنة يوم الجمعة، وأهبط إلى الأرض يوم الجمعة، وتوفاه يوم الجمعة، وهو اليوم الذي تقوم فيه الساعة، وهي آخر ساعة من يوم الجمعة " ، قال: قلت: ألست تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يوافقها عبد مسلم يصلي " ، وتلك الساعة لا يصلى [ ص: 10 ] فيها؟! قال: من انتظر صلاة، فهو في صلاة، ورجاله رجال الصحيح، انتهى.

وكان في نسخة " المجمع " التي كانت عندي سقط هاهنا في قوله: " قلت: ألست تعلم. . . إلخ " ، فألحقت قطعة من الترمذي، فليعلم، والله تعالى أعلم.

* * *




الخدمات العلمية