الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
17326 7694 - (17780) - (4\199) عن ابن لهيعة، حدثني يزيد بن أبي حبيب، أن عبد الرحمن بن شماسة، حدثه قال: لما حضرت عمرو بن العاص الوفاة بكى، فقال له ابنه عبد الله: لم تبكي، أجزعا على الموت؟ فقال: لا والله، ولكن مما بعد. فقال له: قد كنت على خير، فجعل يذكره صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفتوحه الشام، فقال عمرو: تركت أفضل من ذلك كله، شهادة أن لا إله إلا الله، إني كنت على ثلاثة أطباق ليس فيها طبق إلا قد عرفت نفسي فيه: كنت أول شيء كافرا، وكنت أشد الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلو مت حينئذ وجبت لي النار، فلما " بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم كنت أشد الناس حياء منه، فما ملأت عيني من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا راجعته فيما أريد حتى لحق بالله عز وجل حياء منه "، فلو مت يومئذ قال الناس: هنيئا لعمرو، أسلم وكان على خير، فمات فرجي له الجنة، ثم تلبست بعد ذلك بالسلطان وأشياء، فلا أدري علي أم لي، فإذا مت فلا تبكين علي ولا تتبعني مادحا ولا نارا، وشدوا علي إزاري فإني مخاصم، وسنوا علي التراب سنا، فإن جنبي الأيمن ليس بأحق بالتراب من جنبي الأيسر، ولا تجعلن في قبري خشبة ولا حجرا، فإذا واريتموني فاقعدوا عندي قدر نحر جزور وتقطيعها، أستأنس بكم .

التالي السابق


* قوله : "فجعل يذكره ": من التذكير; أي: حتى يفرح ويطمئن به قلبه، ويحسن ظنه بالله .

* "و"تركت ": بالخطاب، وإنما كانت أفضل الكل; لأنه لا ينفع شيء بدونها .

* "فإني مخاصم ": كأنه أراد: سؤال الملائكة .

* "وسنوا": - بضم السين المهملة وتشديد النون - ، من السن بمعنى: الصب في السهولة; أي: ضعوه وضعا سهلا، والشن بمعنى التفريق، وهو أيضا مناسب . [ ص: 358 ]

* "فإذا واريتموني ": أي: قد دفنتموني.

* * *




الخدمات العلمية