الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
21570 9410 - (22075) - (5 \ 238) عن معاذ قال: أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشر كلمات قال: " لا تشرك بالله شيئا وإن قتلت وحرقت، ولا تعقن والديك، وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك، ولا تتركن صلاة مكتوبة متعمدا؛ فإن من ترك صلاة مكتوبة متعمدا فقد برئت منه ذمة الله، ولا تشربن خمرا؛ فإنه رأس كل فاحشة، وإياك والمعصية؛ فإن بالمعصية حل سخط الله عز وجل، وإياك والفرار من الزحف وإن هلك الناس، وإذا أصاب الناس موتان وأنت فيهم [ ص: 102 ] فاثبت، وأنفق على عيالك من طولك، ولا ترفع عنهم عصاك أدبا وأخفهم في الله ".

التالي السابق


* قوله: "وإن قتلت وحرقت": أي: وإن رأيت أن ذلك يؤدي إلى القتل والتحريق، وظاهره أن المكره على الشرك يصبر على القتل ولا يشرك، فإن حمل على الشرك باطنا، فواضح، وإن حمل على الشرك ظاهرا، فهذا بيان الأولى والأليق، وإلا فقد قال تعالى: إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان [النحل: 106].

* "ولا تعقن ": من عق الولد أباه عقوقا؛ من باب نصر: إذا عصاه وترك الإحسان إليه.

* "برئت منه ذمة الله ": أي: أمانه الذي هو لأهل الإيمان بعصمة الدم والمال، قال تعالى: فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم [التوبة: 5]، وظاهره أن تارك الصلاة يقتل، وهو مذهب جماعة من أهل العلم.

وقال الطيبي: قوله: برئت منه الذمة: كناية عن الكفر، قاله تغليظا وزجرا،

قاله في أول كتاب "الصلاة" في حديث أبي الدرداء بهذا اللفظ.

* "فإنه رأس كل فاحشة": فإن المانع عن الفواحش هو العقل، فإذا زال، فلا يبالي المرء بما فعل.

* "وإياك والمعصية": هذا من قبيل التحذير، وهو تعميم بعد التخصيص؛ كما أن ما بعده تخصيص بعد التعميم، وكل من التخصيصين السابق واللاحق لإفادة أن تلك المعاصي أعظم المعاصي ضررا، وأكثرها اعتبارا.

* "فإن بالمعصية": فيه حذف ضمير الشأن منصوبا، وقد منعه قوم، ولا عبرة بمنعهم؛ فإنه كثير في الكلام.

* قوله: "وإن هلك الناس ": بيان الأولى والأفضل، وإلا فالواجب هو ثبات الواحد مع الاثنين، وإذا زاد العدو على هذا المقدار، فلا يلزم الثبات. [ ص: 103 ]

* "موتان ": - بفتحتين -: هو الموت؛ كالحيوان - بفتحتين -: الحياة، والمراد: الوباء والطاعون.

* "طولك ": - بفتح فسكون - أي: فضل مالك.

* "ولا ترفع عنهم. . . إلخ ": هذا كناية عن تأديبهم وإنذارهم، وإن أدى ذلك إلى الضرب بالعصا، والله تعالى أعلم.

* * *




الخدمات العلمية