الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
21986 9594 - (22492) - (5 \ 289) عن عبد الله بن عمرو بن الفغواء الخزاعي، عن أبيه قال: دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أراد أن يبعثني بمال إلى أبي سفيان يقسمه في قريش بمكة بعد الفتح قال: فقال: "التمس صاحبا". قال: فجاءني عمرو بن أمية الضمري قال: بلغني أنك تريد الخروج وتلتمس صاحبا. قال: قلت: أجل.

قال: فأنا لك صاحب. قال: فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: قد وجدت صاحبا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا وجدت صاحبا فآذني". قال: فقال: "من؟ " قلت: عمرو بن أمية الضمري. قال: فقال: "إذا هبطت بلاد قومه فاحذره؛ فإنه قد قال القائل: أخوك البكري ولا تأمنه " قال: فخرجنا حتى إذا جئت الأبواء فقال لي: إني أريد حاجة إلى قومي بودان فتلبث لي: قال: قلت: راشدا، فلما ولى ذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فشددت على بعيري، ثم خرجت أوضعه حتى إذا كنت بالأصافر إذا هو يعارضني في رهطه قال: وأوضعت فسبقته، فلما رآني قد فته انصرفوا [ ص: 220 ] وجاءني، قال: كانت لي إلى قومي حاجة. قال: قلت: أجل فمضينا حتى قدمنا مكة، فدفعت المال إلى أبي سفيان.


التالي السابق


* قوله: "التمس صاحبا": أي: اطلب رفيقا في الطريق.

* "أخوك البكري": ضبط: - بكسر الباء - أي: الذي ولده أبواك أولا، قيل: المعنى: أخوك شقيقك خفه واحذره؛ فهو مبالغة في التحذير.

قلت: والظاهر أن المراد: الأكبر منك سنا، أريد به هاهنا: القوي الغالب دون الضعيف، وهو المناسب بالحذر عند هبوطه في بلاد قومه.

قال الخطابي: هذا مثل مشهور للعرب، وفيه إثبات الحذر، واستعمال سوء الظن إذا كان على وجه طلب السلامة من شر الناس.

* "ولا تأمنه": عطف على مقدر، أي: احذره ولا تأمنه.

* "أوضعه": من الإيضاع، وهو الإسراع في السير.

* "بالأصافر": قال السيوطي في "حاشية أبو داود": لم أقف عليه في كتب الغريب واللغة، لكن ذكر بعض من صنف في الأماكن أنه - بفتح الصاد والفاء، وقيل: بكسر الفاء -: جبل أحمر قرب المدينة، فلعله المراد في الحديث.

* "أن قد فته": صيغة المتكلم من فات.

وفي "الإصابة" في ترجمة علقمة بن الفغواء: أخو عمرو، مثل هذا، وفيه: "بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بمال إلى أبي سفيان في فقراء قريش وهم مشركون، يتألفهم، وفي آخره: فقال أبو سفيان: ما رأيت أبر من هذا، ولا أوصل، إنا نجاهده ونطلب دمه، وهو يبعث إلينا بالصلات يبرنا بها"، انتهى.

* * *




الخدمات العلمية