الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
7894 3878 - (7954) - (2 \ 297) عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الدين النصيحة" ثلاث مرات . قال: قيل: يا رسول الله! لمن; قال: "لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين".

التالي السابق


* قوله: " قال: الدين النصيحة ": هكذا لفظة "قال" هاهنا مذكورة، وهي تكرار للأول، ثم يحتمل أن يكون المراد بالنصيحة: الخلوص عن الغش، ومنه [ ص: 380 ] التوبة النصوح، فالنصيحة لله تعالى: أن يكون عبدا خالصا له في عبوديته عملا واعتقادا، وللكتاب: أن يكون خالصا له في العمل به وفهم معناه عن مراعاة الهوى، فلا يصرفه إلى هواه، بل يجعل هواه تابعا له، ويحكم به على هواه، ولا يحكم بهواه عليه، وعلى هذا القياس. ويحتمل أن يكون المراد ما قالوا: النصيحة: هي إرادة الخير للمنصوح. قلت: لا بمعنى النافع، وإلا لا يستقيم بالنسبة إلى الله تعالى، بل بمعنى ما يليق ويحسن له; فإن الصفة إذا قسناها بالنظر إلى أحد، فإما أن يكون اللائق والأولى به إرادة إيجابها له، أو سلبها عنه، فإرادة ذلك الطرف اللائق له هي النصيحة في حقه، وخلافه هو الغش والخيانة، واللائق به تعالى أن يحمد على كماله وجلاله وجماله، ويثبت له من الصفات والأفعال ما يكون صفات كمال، وأن ينزه عن النقائص، وعما لا يليق بعلي جنابه، فإرادة ذلك، وكذا كل ما يليق بجنابه الأقدس في حقه تعالى من نفسه ومن غيره هي النصيحة في حقه، وقس على هذا. وقال الخطابي: النصيحة: هي إرادة الخير للمنصوح له، والنصح في اللغة: الخلوص، فالنصيحة لله تعالى: صحة الاعتقاد في وحدانيته، وإخلاص النية في عبادته، والنصيحة لكتاب الله تعالى: الإيمان به، والعمل بما فيه، والنصيحة لرسوله: التصديق لنبوته، وبذل الطاعة له فيما أمر به ونهى عنه، والنصيحة لأئمة المسلمين: أن يطيعهم في الحق، وألا يرى الخروج عليهم بالسيف، والنصيحة لعامة المسلمين: إرشادهم إلى مصالحهم، انتهى .

* * *




الخدمات العلمية