الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في حديث عبادة بن الصامت : إذ أخذ على أصحابه في البيعة كما أخذ على النساء أن لا تشركوا ، ولا تسرقوا ، ولا تزنوا .

                                                        ثم قال : من أصاب من ذلك شيئا فعوقب به ، فهو كفارة له
                                                        .

                                                        6422 - حدثنا بذلك يونس ، قال : ثنا سفيان عن الزهري ، عن أبي إدريس ، عن عبادة بن الصامت ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                        وقد علمنا من أشرك ، فعوقب بشركه فليس ذلك بكفارة .

                                                        فدل ما ذكرنا أنه إنما أراد ، ما سوى الشرك ، مما ذكر في هذا الحديث .

                                                        فلما كانت هذه الأشياء ، قد جاءت ظاهرها على الجمع ، وباطنها على خاص من ذلك ، احتمل أيضا أن يكون قوله : الخمر من هاتين الشجرتين ، النخلة ، والعنبة ، ظاهر ذلك عليهما ، وباطنه على أحدهما ، فيكون الخمر المقصود في ذلك من العنبة ، لا من النخلة .

                                                        ويحتمل أيضا قوله : الخمر من هاتين الشجرتين ، أن يكون عنى به الشجرتين جميعا ، ويكون ما خمر من ثمرهما خمرا ، كما ذهب إليه أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد ، فيما ينقع من الزبيب والتمر ، فجعلوه خمرا .

                                                        ويحتمل قوله : الخمر من هاتين الشجرتين أن يكون أراد الخمر منهما ، وإن كانت مختلفة ، على أنها من العنب ، ما قد علمناه من الخمر ، وعلى أنها من التمر ما يسكر ، فيكون خمر العنب هي عين العصير ، إذا اشتد ، وخمر التمر هو المقدار من نبيذ التمر الذي يسكر .

                                                        فلما احتمل هذا الحديث هذه الوجوه التي ذكرنا ، لم يكن أحدها بأولى من بقيتها ، ولم يكن لمتأول أن يتأوله على أحدها إلا كان لخصمه أن يتأوله على ذلك .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية