الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب نكاح حرائر أهل الكتاب

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : ويحل نكاح حرائر أهل الكتاب لكل مسلم لأن الله تعالى أحلهن بغير استثناء وأحب إلي لو لم ينكحهن مسلم أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل عن نكاح المسلم اليهودية والنصرانية فقال تزوجناهن زمان الفتح بالكوفة مع سعد بن أبي وقاص ونحن لا نكاد نجد المسلمات كثيرا فلما رجعنا طلقناهن وقال فقال لا يرثن مسلما ولا يرثونهن ونساؤهن لنا حل ونساؤنا حرام عليهم .

( قال الشافعي ) وأهل الكتاب الذين يحل نكاح حرائرهم أهل الكتابين المشهورين التوراة والإنجيل وهم اليهود والنصارى دون المجوس قال والصابئون والسامرة من اليهود والنصارى الذين يحل نساؤهم وذبائحهم إلا أن يعلم أنهم يخالفونهم في أصل ما يحلون من الكتاب ويحرمون فيحرم نكاح نسائهم كما يحرم نكاح المجوسيات وإن كانوا يجامعونهم على أصل الكتاب ويتأولون فيختلفون فلا يحرم ذلك نساءهم وهم منهم يحل نساؤهم بما يحل به نساء غيرهم ممن لم يلزمه اسم صابئ ولا سامري قال ولا يحل نكاح حرائر من دان من العرب دين اليهودية والنصرانية لأن أصل دينهم كان الحنيفية ثم ضلوا بعبادة الأوثان وإنما انتقلوا إلى دين أهل الكتاب بعده لا بأنهم كانوا الذين دانوا بالتوراة والإنجيل فضلوا عنها وأحدثوا فيها إنما ضلوا عن الحنيفية ولم يكونوا كذلك لا تحل ذبائحهم وكذلك كل أعجمي كان أصل دين من مضى من آبائه عبادة الأوثان ولم يكن من أهل الكتابين المشهورين التوراة والإنجيل فدان دينهم لم يحل نكاح نسائهم فإن قال قائل فهل في هذا من [ ص: 8 ] أمر متقدم ؟ قيل نعم أخبرنا سفيان بن عيينة قال حدثنا الفضل بن عيسى الرقاشي قال كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي أن يسأل الحسن لم أقر المسلمون بيوت النيران وعبادة الأوثان ونكاح الأمهات والأخوات ؟ فسأله فقال الحسن لأن العلاء بن الحضرمي لما قدم البحرين أقرهم على ذلك .

( قال الشافعي ) فهذا ما لا أعلم فيه خلافا بين أحد لقيته أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عبد الله بن دينار عن سعد الحارثي مولى عمر أو عبد الله بن سعد عن عمر أنه قال ما نصارى العرب بأهل كتاب وما يحل لنا ذبائحهم وما أنا بتاركهم حتى يسلموا أو أضرب أعناقهم أخبرنا الثقفي عن أيوب عن ابن سيرين قال سألت عبيدة عن ذبائح نصارى بني تغلب فقال لا تأكل ذبائحهم فإنهم لم يتمسكوا من نصرانيتهم إلا بشرب الخمر ( قال الشافعي ) وهكذا أحفظه ولا أحسبه وغيره إلا وقد بلغ به علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه بهذا الإسناد أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال قال عطاء : ليس نصارى العرب بأهل كتاب إنما أهل الكتاب بنو إسرائيل والذين جاءتهم التوراة والإنجيل فأما من دخل فيهم من الناس فليسوا منهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية