الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( قال الشافعي ) الولد للفراش والأصل أن ولد الزوجة للزوج بغير اعتراف مات الزوج أو عاش ما لم ينفه أو يلاعن ولازم للمعتوه ولا احتياج إلى دعوة ولد الزوجة ، قال ولا ينفى الولد عن الزوج إلا في مثل الحال التي نفى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك { أن العجلاني قذف امرأته وأنكر حملها فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلاعن بينهما ونفى الولد عنه } قال وأظهر العجلاني قذفها عند استبانة حملها وإذا علم الزوج بالولد وأمكنه الحاكم فأتى الحاكم فنفاه لاعن بينهما وإن علم وأمكنه الحاكم فترك ذلك وقد أمكنه إمكانا بينا ثم نفاه لم يكن ذلك له كما يكون أصل بيع الشقص صحيحا فيكون للشفيع أخذه إذا أمكنه فإن ترك ذلك في تلك المدة لم تكن له شفعة وهكذا كل من له شيء في مدة دون غيرها فمضت لم يكن له ولو جحد بأن يكون يعلم بالولد فيكون له نفيه حتى يقر به جاز بعد أن يكون الولد شيخا وهو يختلف معه اختلاف ولده .

قال وإمكان الانتقاء من الولد أن يعلم به ويمكنه أن يلقى الحاكم ويكون قادرا على لقائه أو له من يلقاه له فإذا كان هذا هكذا فلم ينفه لم يكن له نفيه ولا وقت في هذا إلا ما وصفت ولو قال قائل فإذا كان حاضرا فكان هذا فالمدة التي ينقطع فيها أن يكون له نفيه فيها ثلاثة أيام كان مذهبا محتملا فإن لم يصل إلى الحاكم أو مرض أو شغل أو حبس فأشهد فيها على نفيه ثم طلب بعدها كان مذهبا لما وصفنا في غير هذا الموضع من أن الله تعالى منع من قضى بعذابه ثلاثا { وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن للمهاجر بعد قضاء نسكه بمقامه ثلاثا بمكة } ، قال وأي مدة قلت له نفيه فأشهد على نفيه وهو مشغول بأمر يخاف فوته أو بمرض لم ينقطع نفيه وإن كان غائبا فبلغه فأقام وهو يمكنه المسير لم يكن له نفيه إلا بأن يشهد أنه على نفيه ثم يقدم ، قال وإن قال قد سمعت بأنها ولدت ولم أصدق فأقمت فالقول قوله أو قال لم أعلم فالقول قوله ولو كان حاضرا ببلدها فقال لم أعلم أنها ولدت فالقول قوله وعليها البينة ، قال وإن كان مريضا لا يقدر على الخروج أو محبوسا أو خائفا فكل هذا عذر فأي هذه الحال كان فله أن ينفيه حتى تأتي المدة التي لا يكون له بعدها نفيه .

وهكذا إن كان غائبا ولو نفى رجل ولد امرأته قبل موتها ثم مات قبل أن يلاعنها أو ماتت قبل أن ينتفي من ولدها ثم انتفى منه التعن ونفاه وسواء كانت ميتة أو حية وإذا قذفها ثم ماتت أو قذفها بعد الموت وانتفى من ولدها فلم يلتعن فلورثتها أن يحدوه .

التالي السابق


الخدمات العلمية