الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 105 ]

14 . وبالصحيح والضعيف قصدوا في ظاهر لا القطع ، والمعتمد      15 . إمساكنا عن حكمنا على سند
بأنه أصح مطلقا ، وقد      16 . خاض به قوم فقيل مالك
عن نافع بما رواه الناسك      17 . مولاه واختر حيث عنه يسند
الشافعي قلت : وعنه أحمد

التالي السابق


أي : حيث قال أهل الحديث : هذا حديث صحيح ، فمرادهم فيما ظهر لنا عملا بظاهر الإسناد ، لا أنه مقطوع بصحته في نفس الأمر ، لجواز الخطأ والنسيان على الثقة ، هذا هو الصحيح الذي عليه أكثر أهل العلم ، خلافا لمن قال : إن خبر الواحد يوجب العلم الظاهر ، كحسين بن علي الكرابيسي وغيره . وحكاه ابن الصباغ في ( العدة ) عن قوم من أصحاب الحديث . قال القاضي أبو بكر الباقلاني : "إنه قول من لم يحصل علم هذا الباب" ، انتهى . نعم . . . إن أخرجه الشيخان أو [ ص: 106 ] أحدهما فاختار ابن الصلاح القطع بصحته ، وخالفه المحققون -كما سيأتي - وكذا قولهم : هذا حديث ضعيف فمرادهم أنه لم يظهر لنا فيه شروط الصحة ، لا أنه كذب في نفس الأمر ، لجواز صدق الكاذب ، وإصابة من هو كثير الخطأ .

وقوله : ( والمعتمد إمساكنا عن حكمنا ) إلى آخره . أي : القول المعتمد عليه ، المختار : أنه لا يطلق على إسناد معين بأنه أصح الأسانيد مطلقا; لأن تفاوت مراتب الصحة مترتب على تمكن الإسناد من شروط الصحة ، ويعز وجود أعلى درجات القبول في كل فرد فرد من ترجمة واحدة بالنسبة لجميع الرواة . قال الحاكم في علوم الحديث : "لا يمكن أن يقطع الحكم في أصح الأسانيد لصحابي واحد" . وسنذكر تتمة كلامه في آخر هذه الترجمة . قال ابن الصلاح : "على أن جماعة من أئمة الحديث خاضوا غمرة ذلك فاضطربت أقوالهم" . وقوله : ( فقيل : مالك ) ، أي : فقيل : أصح الأسانيد ما رواه مالك عن نافع عن ابن عمر ، وهو المراد بقوله : [ ص: 107 ] ( مولاه ) أي : سيده . وهذا هو قول البخاري . وقوله : ( واختر حيث عنه ) أي : عن مالك ، ( يسند الشافعي ) ، أي : فعلى هذا إذا زدت في الترجمة واحدا فأصح الأسانيد ما أسنده الشافعي عن مالك بها ، فقال الأستاذ أبو منصور عبد القاهر بن طاهر التميمي : إنه أجل الأسانيد ، لإجماع أصحاب الحديث أنه لم يكن في الرواة عن مالك أجل من الشافعي .

وقوله : ( قلت وعنه ) ، أي : وعن الشافعي أحمد بن حنبل ، يريد وإن زدت في الترجمة آخر ، فأصح الأسانيد ما رواه أحمد عن الشافعي عن مالك بها ، لاتفاق أهل الحديث على أن أجل من أخذ عن الشافعي من أهل الحديث الإمام أحمد ، ووقع لنا بهذه الترجمة حديث واحد ، أخبرني به أبو عبد الله محمد بن إسماعيل ابن الخباز ، [ ص: 108 ] بقراءتي عليه بدمشق ، قال : أخبرنا المسلم بن مكي ح وأخبرني علي بن أحمد العرضي ، بقراءتي عليه بالقاهرة ، قال : أخبرتنا زينب بنت مكي ، قالا : أخبرنا حنبل ، قال : أخبرنا هبة الله بن محمد ، قال : أخبرنا الحسن بن علي التميمي ، قال : أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدثني أبي رحمه الله ، قال : حدثنا محمد بن إدريس الشافعي ، قال : أخبرنا مالك ، عن نافع عن ابن عمر رحمة الله عليه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يبع بعضكم على بيع بعض " ، ونهى عن النجش ، ونهى عن بيع حبل الحبلة ، ونهى عن المزابنة ، والمزابنة : بيع الثمر بالتمر [ ص: 109 ] كيلا ، وبيع الكرم بالزبيب كيلا . أخرجه البخاري مفرقا من حديث مالك .




الخدمات العلمية