الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              1475 [ 752 ] وعن أم عطية ، قالت : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نخرجهن في الفطر والأضحى ، العواتق والحيض وذوات الخدور ، فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ، ويشهدن الخير ودعوة المسلمين . قلت : يا رسول الله ! إحدانا لا يكون لها جلباب . قال : لتلبسها أختها من جلبابها .

                                                                                              وفي رواية : قالت : الحيض يخرجن فيكن خلف الناس ، يكبرن مع الناس .

                                                                                              رواه البخاري (974)، ومسلم (890) (11 و 12)، وأبو داود (1136 - 1139)، والترمذي (539 و 540)، والنسائي (3 \ 180 و 181)، وابن ماجه (1307) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وقول أم عطية : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نخرجهن ; تعني : النساء ، والضمير عائد على نساء جرى ذكرهن ، وقد أبدلت من ضميرهن بقولها : العواتق والحيض وذوات الخدور . ولا يصح أن يستدل بهذا الأمر على وجوب صلاة العيدين والخروج إليهما ; لأن هذا الأمر إنما يوجه لمن ليس بمكلف بالصلاة باتفاق ; كالحيض ، وإنما مقصود هذا الأمر تدريب الأصاغر على الصلاة ، وشهود [ ص: 525 ] دعوة المسلمين ، ومشاركتهم في الثواب والخير ، وإظهار جمال الدين . والعاتق : الجارية حين تدرك . قال ابن السكيت : العاتق : فيما بين أن تدرك إلى أن تعنس ما لم تتزوج . والخدور : البيوت ، وأصله : الهودج ، ويعني به : المخبآت .

                                                                                              وهذا الحديث حجة على خروج النساء في العيدين ، وهو مذهب جماعة من السلف ; منهم : أبو بكر ، وعمر ، وعلي ، وابن عمر ، وغيرهم ، ومنهم من منعهن من ذلك جملة ; منهم : عروة ، والقاسم ، ومنهم من منع الشابة دون غيرها ; منهم : عروة ، والقاسم في قول آخر لهما ، ويحيى بن سعيد ، وهو مذهب مالك وأبي يوسف ، واختلف قول أبي حنيفة في ذلك بالإجازة والمنع ، وكان مستند المانع : ما أحدثه النساء من التبرج والزينة الظاهرة .

                                                                                              وقوله : فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ; أي : موضع الصلاة ; كما قال في الرواية الأخرى : يكن خلف الناس . وهذا تنزيه للصلاة وللمصلين من اختلاط النساء بهن ، ولئلا تظهر مخالفة من لا يصلي بمن يصلي .

                                                                                              والجلباب : الإزار ، وجمعه : جلابيب ، وقيل : هي المقنعة ، وقيل : هو كالملاءة والملحفة ، وقيل : الخمار . ولتلبسها أختها : يعني : لتعرها من ثيابها ، وقيل : هو على المبالغة ; يعني : أنه يخرج اثنتان في لحاف واحد .

                                                                                              وقوله : يكبرن مع الناس ; يعني : إذا كبروا . والتكبير في العيد له أربعة [ ص: 526 ] مواطن : في الخروج إلى المصلى إلى أن يخرج الإمام للصلاة ، والتكبير في الصلاة ، والتكبير في الخطبة بتكبير الإمام ، والتكبير أيام التشريق خلف الصلوات ، على الخلاف في هذه الجملة ، وسيأتي ذكر بعضه .




                                                                                              الخدمات العلمية