الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              1509 (7) باب

                                                                                              شهود النساء صلاة الكسوف

                                                                                              [ 784 ] عن أسماء بنت أبي بكر قالت : خسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فدخلت على عائشة وهي تصلي فقلت : ما شأن الناس يصلون ؟ فأشارت برأسها إلى السماء . فقلت : آية ؟ قالت : نعم . فأطال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القيام جدا ، حتى تجلاني الغشي - أو الغشي - فأخذت قربة من ماء إلى جنبي ، فجعلت أصب على رأسي ، أو على وجهي من الماء ، قالت : فانصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد تجلت الشمس ، فخطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ، ما من شيء لم أكن رأيته إلا قد رأيته في مقامي هذا ، حتى الجنة والنار ، وإنه قد أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور قريبا ، أو مثل فتنة المسيح الدجال ( لا أدري أي ذلك قالت أسماء) فيؤتى أحدكم فيقال : ما علمك بهذا الرجل ؟ فأما المؤمن أو الموقن (لا أدري أي ذلك قالت أسماء) فيقول : هو محمد ، هو رسول الله جاء بالبينات والهدى ; فأجبنا وأطعنا ثلاث مرار ، فيقال له : نم . قد كنا نعلم أنك مؤمن به ، فنم صالحا ، وأما المنافق أو المرتاب (لا أدري أي ذلك قالت أسماء) فيقول : لا أدري ، سمعت الناس يقولون شيئا فقلت .

                                                                                              رواه البخاري (184) ، ومسلم (905) (11) ، وابن ماجه (1265) .

                                                                                              [ ص: 565 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 565 ] (7) ومن باب : شهود النساء صلاة الكسوف

                                                                                              اختلف في مخاطبة النساء بصلاة الكسوف ، فقيل : يخاطب بها الجميع والنساء والمسافرون ، وهذا مشهور مذهب مالك ، وعند الشافعي . وروي عن مالك أيضا ما يدل على أنه يخاطب بها من يخاطب بالجمعة ، فيخرج منها النساء والمسافرون . وذهب الكوفيون إلى أنهن يصلين أفذاذا لا جماعة . وهذا الحديث وحديث جابر يدلان على حضور النساء لها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وما خرجن من بيوتهن ولا حضرن الصلاة إلا وقد صح عندهن أنهن مخاطبات بذلك . وأيضا فإن قوله - صلى الله عليه وسلم - : فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة ; يدل على أنهن مخاطبات بذلك ، وهذا الخطاب وإن كان أصله للذكور ; فالنساء مندرجات فيه ; كما اندرجن في قوله - تعالى - : يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا [ المائدة :6 ] و كتب عليكم الصيام [ البقرة : 183 ] ، وغير ذلك من خطابات التعبدات العامة ، والنساء داخلات فيها باتفاق . واختلف فيمن فاتته صلاة الكسوف مع الإمام ، هل يصليها وحده ؟ على قولين لأهل العلم ، ومن أصحابنا من قال : لا تلزمه ، وهو أصل مالك : في أن السنن لا تقضى إذا فاتت بفوات أفعالها أو أوقاتها .

                                                                                              [ ص: 566 ] وقولها : حتى تجلاني الغشي أو الغشي : الأول بسكون الشين ، والثاني بكسرها ، وكلاهما بالغين المعجمة ، وهما بمعنى واحد ، وهو حقيقة الإغماء ، وأتى الراوي باللفظين لأنه شك هل سمعه منها مسكنة أو مثقلة . ووقعت هذه اللفظة عند الطبري بالعين المهملة ، وليس بشيء .

                                                                                              وقولها : فجعلت أصب على رأسي ووجهي الماء ، هذا كان منها لطول القيام وشدة الحر ، وكأنها رأت أن فعل مثل هذا مع شدة الحاجة إليه يجوز ; لخفة أمر ما ليس بفريضة ، ولأن هذا الفعل ليس من قبيل العمل الكثير الذي ينصرف به عن الصلاة ; كتأخر النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وتقدمه في هذه الصلاة . وفي هذا الحديث أبواب كثيرة [ ص: 567 ] من الفقه ; منها ما ذكر ، ومنها ما لم يذكر ، إلا أنها لا تخفى على المتأمل الفطن .




                                                                                              الخدمات العلمية