الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              135 [ 73 ] وعن جابر ، قال : أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل فقال : يا رسول الله ، ما الموجبتان ؟ قال : من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ، ومن مات يشرك بالله شيئا دخل النار .

                                                                                              رواه أحمد ( 3 \ 391 - 392 ) ، ومسلم ( 93 ) .

                                                                                              [ ص: 290 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 290 ] و (قوله : " ما الموجبتان ؟ ") سؤال من سمعهما ولم يدر ما هما ، فأجابه النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنهما : الإيمان ، والشرك ، وسميا بذلك ; لأن الله تعالى أوجب عليهما ما ذكره من الخلود في الجنة أو في النار .

                                                                                              و (قوله : " من مات لا يشرك بالله شيئا ، دخل الجنة ") أي : من مات لا يتخذ معه شريكا في الإلهية ، ولا في الخلق ، ولا في العبادة . ومن المعلوم من الشرع المجمع عليه من أهل السنة : أن من مات على ذلك فلا بد له من دخول الجنة ، وإن جرت عليه قبل ذلك أنواع من العذاب والمحنة ، وأن من مات على الشرك لا يدخل الجنة ، ولا يناله من الله تعالى رحمة ، ويخلد في النار أبد الآباد ، من غير انقطاع عذاب ولا تصرم آباد ، وهذا معلوم ضروري من الدين ، مجمع عليه من المسلمين .

                                                                                              وأما قول ابن مسعود المذكور في أصل كتاب مسلم ، وهو قوله : قلت أنا : ومن مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ، فيعني بذلك : أنه لم يسمع هذا اللفظ من النبي - صلى الله عليه وسلم - نصا ، وإنما استنبطه استنباطا من الشريعة ; فإما من دليل خطاب قوله - عليه الصلاة والسلام - : من مات يشرك بالله شيئا دخل النار ، أو من ضرورة انحصار الجزاء في الجنة والنار ، أو من غير ذلك . وعلى الجملة فهذا الذي لم يسمعه ابن مسعود من النبي - صلى الله عليه وسلم - هو حق في نفسه ، وقد رواه جابر في هذا الحديث من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ; ولذلك اكتفينا به في المختصر عن نقل ابن مسعود .




                                                                                              الخدمات العلمية