الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              2689 (3) باب

                                                                                              إمضاء الطلاق الثلاث من كلمة

                                                                                              [ 1541 ] عن طاوس، عن ابن عباس قال: كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم.

                                                                                              رواه مسلم (1472) (15).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              (3) ومن باب: إمضاء الطلاق الثلاث من كلمة

                                                                                              (قوله: كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم طلاق الثلاث واحدة ) وفي الرواية الأخرى: (إنما كانت الثلاث تجعل واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ، وثلاثا من إمارة عمر ) وفي الرواية الثالثة: (ألم يكن طلاق الثلاث واحدة، فقال: قد كان ذلك، فلما كان في عهد عمر تتايع الناس في الطلاق فأجازه عمر عليهم) تمسك بظاهر هذه الروايات شذوذ من أهل العلم، فقالوا: إن طلاق الثلاث في كلمة يقع واحدة؛ وهم: طاوس ، وبعض أهل الظاهر . وقيل: هو مذهب محمد بن إسحاق ، والحجاج بن أرطاة ، وقيل: عنهما: لا يلزم منه شيء. وهو مذهب مقاتل ، والمشهور عن الحجاج بن أرطاة .

                                                                                              وجمهور السلف والأئمة: [ ص: 238 ] أنه لازم واقع ثلاثا، ولا فرق بين أن يوقع مجتمعا في كلمة أو مفرقا في كلمات، غير أنهم اختلفوا في جواز إيقاعه كما قدمناه.

                                                                                              فأما من ذهب: إلى أنه لا يلزم شيء منه - وهو مذهب ابن إسحاق ومقاتل : ففساده ظاهر بدليل الكتاب، وذلك: أن الله تعالى قال: والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء [البقرة: 228] وهذا يعم كل مطلقة خص منه المطلقة قبل الدخول، ومن تعتد بالشهور والحمل. وبقيت متناولة لما بقي. لا يقال: يراد بالمطلقات هنا: الرجعية؛ بدليل قوله: وبعولتهن أحق بردهن في ذلك [البقرة: 228] لأنا نقول: ليس ذلك بتخصيص لذلك العموم، وإنما هو بيان حكم بعض ما تناوله العموم، ويدل على ذلك أيضا قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة [الأحزاب: 49] وقوله: وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف [البقرة: 232] ونحو هذا.

                                                                                              ووجه دلالة هذا النمط: أنه قد حكم بأن وقوع ما يقال عليه طلاق يقتضي منع الزوج مما كان له على الزوجة من التصرف، ويلزمه أحكام أخر لا تكون في حالة الزوجية، ولا يعني بكونه واقعا إلا ذلك، وإيقاع الطلاق ثلاثا يقال عليه طلاق بالاتفاق فتلزم تلك الأحكام. وقد أشبعنا القول في هذه المسألة في جزء كتبناه في هذه المسألة سؤالا وجوابا.

                                                                                              ثم حديث ابن عباس هذا يدل ظاهرا على أنه كان الطلاق ثلاثا واقعا لازما في تلك الأعصار، فيستدل به عليهم على جهة الإلزام، وإن كنا لا نرى التمسك به؛ لما سنذكره إن شاء الله تعالى.

                                                                                              وعلى الجملة فمذهب هذين الرجلين شاذ الشاذ، [ ص: 239 ] ولا سلف لهم فيه، ولا بعد في أن يقال: إن إجماع السلف على خلافهما - على ما يتبين مما نذكره - بعد عن السلف -، فإنهم كانوا منقسمين إلى من يراه ثلاثا، وإلى من يراه واحدة. والكل متفقون على وقوعه، والله تعالى أعلم.

                                                                                              وأما من ذهب إلى أنه واقع واحدة؛ فهو أيضا فاسد. وقد استدل القائلون به على صحته بثلاثة أحاديث:

                                                                                              أحدها: حديث ابن عباس هذا.

                                                                                              وثانيها: حديث ابن عمر على رواية من روى: أنه طلق امرأته ثلاثا، وأنه صلى الله عليه وسلم أمره برجعتها، واحتسبت له واحدة.

                                                                                              وثالثها: أن أبا ركانة طلق امرأته ثلاثا، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم برجعتها؛ والرجعة تقتضي وقوع واحدة. ولا حجة لهم في شيء من ذلك.

                                                                                              أما حديث ابن عباس ؛ فلا يصح به الاحتجاج لأوجه:

                                                                                              أحدها: أنه ليس حديثا مرفوعا للنبي صلى الله عليه وسلم وإنما ظاهره الإخبار عن أهل عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعصر أبي بكر باتفاقهم على ذلك، وإجماعهم عليه، وليس ذلك بصحيح. فأول من خالف ذلك بفتياه ابن عباس . فروى أبو داود من رواية مجاهد عنه قال: كنت عند ابن عباس فجاءه رجل فقال: إنه طلق امرأته ثلاثا. قال: فسكت حتى ظننت أنه رادها إليه، ثم قال: ينطلق أحدكم يركب الحموقة، ثم يقول: يا ابن عباس ! يا ابن عباس ! قال: ومن يتق الله يجعل له مخرجا [الطلاق: 2] وإنك لم تتق الله، فما أجد لك مخرجا، عصيت ربك وبانت منك امرأتك.

                                                                                              وفي "الموطأ" عنه: أن رجلا قال لابن عباس : إني طلقت امرأتي مائة تطليقة. [ ص: 240 ] فقال له ابن عباس : طلقت منك بثلاث، وسبعة وتسعون اتخذت بها آيات الله هزوا.

                                                                                              وقال أبو داود : قول ابن عباس هو: إن طلاق الثلاث يبين من الزوجة، فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، مدخولا بها كانت، أو غير مدخول بها. ونحوه عن أبي هريرة ، وعبد الله بن عمر . وفي "الموطأ": أن رجلا جاء إلى ابن مسعود ، فقال: إني طلقت امرأتي ثماني تطليقات. قال ابن مسعود : فماذا قيل لك؟ قال: قيل لي: إنها بانت منك. قال ابن مسعود : صدقوا، هو كما يقولون؛ فهذا يدل على وجود الخلاف فيها في عصر الصحابة، وأن المشهور عندهم، المعمول به، خلاف مقتضى حديث ابن عباس . فبطل التمسك به.

                                                                                              الوجه الثاني: لو سلمنا أنه حديث مسند مرفوع للنبي صلى الله عليه وسلم لما كان فيه حجة؛ لأن ابن عباس هو راوي الحديث، وقد خالفه بعمله وفتياه. وهذا يدل على ناسخ ثبت عنده، أو مانع شرعي منعه من العمل. ولا يصح أن يظن به: أنه ترك العمل بما رواه مجانا أو غالطا؛ لما علم من جلالته، وورعه، وحفظه، وتثبته.

                                                                                              قال أبو عمر بن عبد البر - بعد أن ذكر عن ابن عباس فتياه من طرق متعددة بلزوم الطلاق ثلاثا من كلمة واحدة -: ما كان ابن عباس ليخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم والخليفتين، إلى رأي نفسه.

                                                                                              ورواية طاوس وهم وغلط، لم يعرج عليها أحد من فقهاء الأمصار بالحجاز، والعراق ، والشام ، والمشرق، والمغرب . وقد قيل: إن أبا الصهباء لا يعرف في موالي ابن عباس .

                                                                                              [ ص: 241 ] الوجه الثالث: لو سلمنا كل ما تقدم؛ لما كان فيه حجة؛ للاضطراب والاختلاف الذي في سنده ومتنه؛ وذلك: أن أبا الصهباء رواه عن ابن عباس بتلك الألفاظ المختلفة؛ التي وقعت في كتاب مسلم كما ذكرناها. وقد روى أبو داود من حديث أيوب ، عن غير واحد، عن طاوس : أن رجلا يقال له: أبا الصهباء كان كثير السؤال لابن عباس . قال: أما علمت أن الرجل كان إذا طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ، وصدرا من خلافة عمر . فقال ابن عباس : بل كان الرجل إذا طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ، وصدرا من خلافة عمر ، فلما رأى الناس تتايعوا فيها قال: أجيزوهن عليهم . فقد اضطرب فيه أبو الصهباء عن ابن عباس في لفظه كما ترى. وقد اضطرب فيه طاوس . فمرة رواه عن أبي الصهباء ، ومرة عن ابن عباس نفسه. ومهما كثر الاختلاف والتناقض ارتفعت الثقة، لا سيما عند المعارضة على ما يأتي.

                                                                                              ثم العجب: أن معمرا روى عن ابن طاوس ، عن أبيه: أن ابن عباس سئل عن رجل طلق امرأته ثلاثا. فقال له: لو اتقيت الله لجعل لك مخرجا. وظاهر هذا أنه لا مخرج له من ذلك، وأنها ثلاث. وهذه كرواية الجماعة الكثيرة عن ابن عباس ؛ كسعيد بن جبير ، ومجاهد ، وعطاء ، وعمرو بن دينار ، ومحمد بن إلياس بن البكير ، والنعمان بن أبي عياش ، كلهم روى عنه: أنه ثلاث، وأنها لا تحل له إلا من بعد زوج.

                                                                                              الوجه الرابع: لو سلمنا سلامته من الاضطراب لما صح أن يحتج به؛ لأنه يلزم منه ما يدل على أن أهل ذلك العصر الكريم كانوا يكثر فيهم إيقاع المحرمات والتساهل فيها، وترك الإنكار على من يرتكبها. وبيان اللزوم: أن ظاهره أن [ ص: 242 ] أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقع الطلاق الثلاث كثيرا منهم في عصر النبي صلى الله عليه وسلم وعصر أبي بكر ، وسنتين من خلافة عمر ، أو ثلاث، ويستفتون علماءهم فيفتونهم بأنه واحدة، ولا ينكرون عليهم. مع أن الطلاق ثلاثا في كلمة واحدة محرم بدليل قول ابن عمر ، وابن عباس ، للمطلق ثلاثا: (بانت منك، وعصيت ربك). وبدليل ما رواه ابن عباس ، عن محمود بن لبيد - قال البخاري : له صحبة - قال: أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعا، فقام غضبان، ثم قال: (أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟) هذا يدل على أنه محرم، ومنكر. فكيف يكثر فيهم العمل بمثل هذا، ولا ينكرونه؟ ! هذا محال على قوم وصفهم الله تعالى بقوله: كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر [آل عمران: 110] إلى غير ذلك مما وصفهم الله تعالى به. لا يقال: هذا يبطل بما وقع عندهم من الزنا، والسرقة، وغير ذلك من الأسباب التي ترتبت عليها الأحكام؛ لأنا نقول: هذه لما وقعت أنكروا تلك الأمور، وأقاموا الحدود فيها، ولم يفعلوا ذلك فيما ذكرناه، فافترقا، وصح ما أبديناه.

                                                                                              فإن قيل: لعل تحريم ذلك لم يكن معلوما عندهم. قلنا: هذا باطل. فإنهم أعرف بالأحاديث ممن بعدهم. وقد ذكرنا ما روي في ذلك عن ابن عباس وابن عمر ، والله تعالى أعلم.

                                                                                              الوجه الخامس: إن ظاهر ذلك الحديث خبر عن جميعهم أو عن معظمهم، والعادة تقتضي - فيما كان هذا سبيله - أن يفشو، وينتشر، ويتواتر نقله، وتحيل أن ينفرد به الواحد. ولم ينقله عنهم إلا ابن عباس ، ولا عنه إلا أبو الصهباء .

                                                                                              وما رواه طاوس عن ابن عباس في الأصل قد رواه أبو داود عن طاوس عن أبي الصهباء ، عن ابن عباس . ولو رواه عنه لم يخرج بروايته عنه عن كونه خبر واحد غير [ ص: 243 ] مشهور. وهذا الوجه يقتضي القطع ببطلان هذا الخبر. فإن لم يقتض ذلك؛ فلا أقل من أن يفيدنا الريبة فيه والتوقف، والله تعالى أعلم.

                                                                                              الوجه السادس: تطرق التأويل إليه. ولعلمائنا فيه تأويلان:

                                                                                              أحدهما: ما قاله بعض البغداديين: إن معناه الإنكار على من يخرج عن سنة الطلاق بإيقاع الثلاث، والإخبار عن تساهل الناس في مخالفة السنة في الزمان المتأخر عن العصرين السابقين، فكأنه قال: كان الطلاق الموقع الآن ثلاثا في ذينك العصرين واحدة، كما يقال: كان الشجاع الآن جبانا في عصر الصحابة. وكان الكريم الآن بخيلا في ذلك الوقت. فيفيد تغير الحال بالناس.

                                                                                              وثانيهما: قال غير البغداديين: المراد بذلك الحديث من تكرر الطلاق منه، فقال: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق. فإنها كانت عندهم محمولة في القدم على التأكيد. فكانت واحدة. وصار الناس بعد ذلك يحملونها على التجديد، فألزموا ذلك لما ظهر قصدهم إليه. ويشهد بصحة هذا التأويل قول عمر رضي الله عنه: إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة. وقد تأوله غير علمائنا على أن ذلك كان في المطلقة قبل الدخول، كما دل عليه حديث أبي داود ؛ الذي تقدم ذكره، وأبدى بين المدخول بها وغيرها فرقا. فقال: إنما جعلوه في غير المدخول بها واحدة؛ لأنها تبين بها، وكأن هؤلاء أشاروا إلى أن قوله لغير المدخول بها: أنت طالق. قد أبانها، وبقي قوله: ثلاثا. لم يصادف محلا، فأجروا المتصل مجرى المنفصل. وهذا ليس بشيء؛ فإن قوله: أنت طالق ثلاثا. كلام واحد متصل غير منفصل. ومن المحال البين إعطاء الشيء حكم نقيضه، وإلغاء بعض الكلام الواحد. وأشبه هذه التأويلات الثاني على ما قررناه، والله تعالى أعلم.

                                                                                              هذا الكلام على حديث ابن عباس .

                                                                                              وأما حديث ابن عمر : أنه طلق امرأته ثلاثا ، فغير صحيح، كما قد ذكره [ ص: 244 ] مسلم عن ابن سيرين ، كما قدمناه. وأيضا: فإن الدارقطني روى عن أحمد بن صبيح ، عن طريف بن ناصح ، عن معاوية بن عمار الدهني ، عن أبي الزبير قال: سألت ابن عمر عن رجل طلق امرأته ثلاثا وهي حائض؟ فقال لي: أتعرف ابن عمر ؟ قلت: نعم. قال: طلقت امرأتي ثلاثا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فردها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السنة .

                                                                                              قال الدارقطني : كلهم شيعة. وقال غيره: ما فيهم من يحتج به.

                                                                                              وأما حديث أبي ركانة فحديث مضطرب، منقطع، لا يسند من وجه يحتج به؛ رواه أبو داود من حديث ابن جريج عن بعض بني أبي رافع ، وليس فيه من يحتج به، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، وقال فيه: إن عبد يزيد بن ركانة طلق امرأته ثلاثا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أرجعها) . وقد رواه أيضا من طريق نافع بن عجير : أن ركانة بن عبد يزيد طلق امرأته البتة، فاستحلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أراد بها؟ فحلف: ما أراد إلا واحدة. فردها إليه .

                                                                                              فهذا اضطراب في الاسم والفعل. ولا يحتج بشيء من مثل هذا، فقد ظهر وتبين: أنهم لا حجة لهم في شيء مما تمسكوا به. فأما حجة الجمهور: فالتمسك بالقاعدة المقررة: أن المطلقة ثلاثا، لا تحل لمطلقها حتى تنكح زوجا غيره. ولا فرق بين مفرقها ومجموعها؛ إذ معناهما واحد لغة وشرعا. وما يتخيل من الفرق بينهما فصوري؛ ألغاه الشرع قطعا في النكاح، والعتق، والإقرار. فلو قال الولي للخاطب في كلمة واحدة: أنكحتك هؤلاء الثلاث، فقال: قبلت. لزم النكاح، كما إذا قال: أنكحتك هذه، [ ص: 245 ] وهذه، وهذه. وكذلك في العتق، والإقرار. فكذلك الطلاق. وقد ذكر الدارقطني جملة من الأحاديث المرفوعة عن علي ، وعبادة بن الصامت ، وحفص بن المغيرة ، وابن عمر كلها تقتضي البينونة، وأنها لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره. ولم يفرق فيها بين المدخول بها وغيرها. رأينا ألا نطول بذكرها، ولا بذكر أسانيدها. وفيما ذكرناه كفاية، والله تعالى الموفق للهداية، وإنما أطنبنا في الكلام على حديث ابن عباس لأن كثيرا من الجهال اغتروا به، فأحلوا ما حرم الله، فافتروا على الله، وعلى كتابه، ورسوله، ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا، وعدل عن سبيله.

                                                                                              وقول عمر : ( إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة ) أي: مهلة، وسعة بانتظار الرجعة. وهذا يدل على صحة التأويل الثاني كما ذكرناه.




                                                                                              الخدمات العلمية