الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              2968 [ 1678 ] وعن مالك بن أوس بن الحدثان، أنه قال: أقبلت أقول: من يصطرف الدراهم؟ فقال طلحة بن عبيد الله، وهو عند عمر بن الخطاب: أرنا ذهبك، ثم ائتنا، ثم إذا جاء خادمنا نعطيك ورقك. فقال عمر بن الخطاب: كلا والله، لتعطينه ورقه، أو لتردن إليه ذهبه، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الورق بالذهب ربا إلا هاء وهاء، والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء، والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء، والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء.

                                                                                              رواه البخاري (2134)، ومسلم (1586)، وأبو داود (3348)، والترمذي (1243)، والنسائي ( 7 \ 273 )، وابن ماجه (2259 و 2260).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و (قوله: الورق بالذهب ربا إلا هاء وهاء ) الرواية المشهورة في (هاء): بالمد، وبهمزة مفتوحة، وكذلك رويته. ومعناها: خذ. فكأنها اسم من أسماء [ ص: 471 ] الأفعال. كما تقول: هاؤم. وفيها أربع لغات:

                                                                                              إحداها: ما تقدم، وفيها لغتان:

                                                                                              إحداهما: أنها تقال للمذكر والمؤنث، والواحد والاثنين، والجمع، بلفظ واحد (ها) من غير زيادة. قال السيرافي : كأنهم جعلوها صوتا، كصه، ومه.

                                                                                              وثانيهما: تلحق بها العلامات المفرقة. فتقول للذكر: هاء، وللمؤنث: هائي. وللاثنين: هاءا. وللجمع: هاءوا، كالحال في: هاؤم، وفي: هلم.

                                                                                              الثانية: بالقصر والهمزة الساكنة، فتقول: هأ، كما تقول: خف. وفيها اللغتان المتقدمتان. حكاهما ثابت وغيره من أهل اللغة.

                                                                                              الثالثة: هاء بالمد وكسر الهمزة. وهي للواحد، والاثنين، والجميع. بلفظ واحد، غير أنهم زادوا ياء مع المؤنث. فقالوا: هائي.

                                                                                              الرابعة: ها، بالقصر، وترك الهمز. حكاها بعض اللغويين. وأنكرها أكثرهم، وخطئ من رواها من المحدثين كذلك. وقد حكيت لغة خامسة: هاءك، بمدة، وهمزة مفتوحة، وكاف خطاب مكسورة للمؤنث.

                                                                                              قلت: ولا بعد في أن يقال: إن (هاء) هذه هي اللغة الأولى، وإنما زادوا عليها كاف الخطاب المؤنث خاصة، فلا تكون خامسة.

                                                                                              ومعنى: ( هاء وهاء ): خذ وهات في هذه الحال من غير تراخ، كما قال: ( يدا [ ص: 472 ] بيد ). وقد بالغ مالك رحمه الله في هذا، حتى منع المواعدة على الصرف، والحوالة، والوكالة على عقد الصرف دون القبض. ومنع أن يعقد الصرف، ويقوم إلى قعر دكانه، ثم يفتح صندوقه، ويخرج ذهبه. بناء على ما تقدم من أصله. وهذا هو الذي فهمه عمر رضي الله عنه عن الشرع حين قال: (وإن أنظرك إلى أن يلج بيته فلا تنظره، إني أخاف عليكم الربا). وقال: (دعوا الربا والريبة).

                                                                                              و (الورق) - بكسر الراء -: الفضة. وهو اسم جنس معرف بالألف واللام الجنسيتين، فيتضمن ذلك الجنس كله، مسكوكه، ومصوغه، وتبره، ونقاره. وكذلك الذهب، فلا يجوز مصوغ بتبر إلا مثلا بمثل. وكذلك جميع أنواعها. وليس له أن يستفضل قيمة الصنعة، ولا عمالتها. وسيأتي لهذا مزيد بيان إن شاء الله تعالى.




                                                                                              الخدمات العلمية