الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              4514 [ 2378 ] وعن البراء قال : أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حلة حرير؛ فجعل أصحابه يلمسونها، ويعجبون من لينها، فقال : " أتعجبون من لين هذه؟ لمناديل سعد بن معاذ في الجنة خير منها وألين" .

                                                                                              رواه أحمد (4 \ 302) ، والبخاري (3802)، ومسلم (2468) (126)، والترمذي (3847)، وابن ماجه (157).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و (قوله : " أهديت لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حلة حرير ") كذا جاء في حديث البراء : حلة بالحاء المهملة واللام ، وفي حديث أنس : أن أكيدر دومة الجندل أهدى لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ جبة من سندس . وهذه أوجه وأصوب ، لأن الحلة لا تكون عند العرب ثوبا واحدا ، وإنما هي لباس ثوبين ، يحل أحدهما على الآخر ، وأن الثوب الفرد لا يسمى حلة . وقد جاء في السير أنها : قباء من ديباج مخوص بالذهب وقد تقدم الكلام على لبس الحرير في اللباس .

                                                                                              وأكيدر : بضم الهمزة وفتح الكاف [ ص: 384 ] وياء التصغير بعدها : تصغير : أكدر ، والكدرة : لون بين السواد والبياض ، وهو الأغبر ، وهو : أكيدر بن عبد الملك الكندي . ودومة : بفتح الدال وضمها ، وأنكر ابن دريد الفتح ، وقال : أهل اللغة يقولونه بالضم ، والمحدثون بالفتح ، وهو خطأ ، وقال : ودومة الجندل : مجتمعه ومستداره ، وهو من بلاد الشام قرب تبوك ، كان أكيدر ملكها ، وكان خالد بن الوليد قد أسره في غزوة تبوك وسلبه قباء من ديباج مخوصا بالذهب . فأمنه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ورده إلى موضعه ، وضرب عليه الجزية .

                                                                                              و (قوله : " لمناديل سعد بن معاذ في الجنة خير منها وألين ") هذه إشارة إلى أدنى ثياب سعد ، لأن المناديل إنما هي ممتهنة متخذة لمسح الأيدي بها من الدنس والوسخ ، وإذا كان هذا حال المنديل ، فما ظنك بالعمامة والحلة ؟! ولا يظن أن طعام الجنة وشرابها فيهما ما يدنس يد المتناول حتى يحتاج إلى منديل ، فإن هذا ظن من لا يعرف الجنة ولا طعامها ولا شرابها ، إذ قد نزه الله الجنة عن ذلك كله ، وإنما ذلك إخبار بأن الله أعد في الجنة كل ما كان يحتاج إليه في الدنيا ، لكن هي على حالة هي أعلى وأشرف ، فأعد فيها أمشاطا ، ومجامر ، وألوة ، ومناديل ، وأسواقا وغير ذلك مما تعارفناه في الدنيا ، وإن لم نحتج له في الجنة ، إتماما للنعمة ، وإكمالا للمنة .




                                                                                              الخدمات العلمية