الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              566 [ 214 ] وعنه ; قال : كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينامون ثم يصلون ، ولا يتوضئون .

                                                                                              رواه مسلم ( 376 ) ، وأبو داود ( 200 ) ، والترمذي ( 78 ) .

                                                                                              [ ص: 537 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 537 ] و (قوله : " أقيمت الصلاة والنبي - صلى الله عليه وسلم - يناجي رجلا ") أي : يحادثه سرا .

                                                                                              و (قوله : " حتى نام أصحابه ") يعني : أنهم ناموا جلوسا ، وقد روى أبو داود عنه قال : " كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رؤوسهم ، ثم يصلون ولا يتوضؤون " ، وهذا يدل على أن النوم ليس بحدث ; إذ لو كان حدثا كما ذهب إليه المزني وابن القاسم - فيما حكى عنه أبو الفرج - لاستوى قليله وكثيره ، كالبول والغائط . وهذا النوم في هذه الأحاديث هو الخفيف المعبر عنه بالسنة التي ذكر الله تعالى في قوله تعالى : لا تأخذه سنة ولا نوم [ البقرة : 255 ] ، والذي قال فيه بعض شعراء العرب :


                                                                                              وسنان أقصده النعاس فرنقت في عينه سنة وليس بنائم

                                                                                              وقال المفضل : السنة في الرأس ، والنعاس في العين ، والنوم في القلب ، وهذا أصل الوضع ، وقد يتجوز فيقال على الجميع نوم ، كما جاء في الحديث : " إن عيني تنامان ولا ينام قلبي " ، وكما قد أطلق النوم في حديث أنس هذا على السنة .

                                                                                              وذهب الجمهور إلى أن المستثقل من النوم ناقض للوضوء ، من حيث كان مظنة للحدث ، كما جاء في حديث ابن عباس : " إنما الوضوء على من نام مضطجعا ، فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله " . وفي حديث علي : " وكاء السه العينان ، فمن [ ص: 538 ] نام فليتوضأ " .

                                                                                              وقد حكي إجماع العلماء على أن ما أزال العقل من الجنون والإغماء ناقض للوضوء ، والنوم المستثقل يزيل العقل فيكون مثلهما ، وقد شذ أبو موسى الأشعري ، وسعيد بن المسيب ، فكانا ينامان مضطجعين ثم لا يتوضآن . وقد تؤول ذلك عليهما : بأنه كان خفيفا . وما دون الاستثقال اختلف فيه على تفصيل يعرف في الفقه ، والله أعلم .




                                                                                              الخدمات العلمية