الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فصل

[ من الأدلة على تحريم الحيل ] : ومما يدل على بطلان الحيل وتحريمها أن الله تعالى إنما أوجب الواجبات وحرم المحرمات لما تتضمن من مصالح عباده في معاشهم ومعادهم ; فالشريعة لقلوبهم بمنزلة الغذاء الذي لا بد لهم منه والدواء الذي لا يندفع الداء إلا به ، فإذا احتال العبد على تحليل ما حرم الله وإسقاط ما فرض الله وتعطيل ما شرع الله كان ساعيا في دين الله بالفساد من وجوه : [ ص: 143 ] أحدها : إبطالها ما في الأمر المحتال عليه من حكمة الشارع ونقض حكمته فيه ومناقضته له .

والثاني : أن الأمر المحتال به ليس له عنده حقيقة ، ولا هو مقصوده ، بل هو ظاهر المشروع ; فالمشروع ليس مقصودا له ، والمقصود له هو المحرم نفسه ، وهذا ظاهر كل الظهور فيما يقصد الشارع ; فإن المرابي مثلا مقصوده الربا المحرم ، وصورة البيع الجائز غير مقصودة له ، وكذلك المتحيل على إسقاط الفرائض بتمليك ماله لمن لا يهبه درهما واحدا حقيقة مقصوده إسقاط الفرض ، وظاهر الهبة المشروعة غير مقصودة له .

الثالث : نسبته ذلك إلى الشارع الحكيم وإلى شريعته التي هي غذاء القلوب ودواؤها وشفاؤها ، ولو أن رجلا تحيل حتى قلب الغذاء والدواء إلى ضده ، فجعل الغذاء دواء والدواء غذاء ، إما بتغيير اسمه أو صورته مع بقاء حقيقته ; لأهلك الناس ، فمن عمد إلى الأدوية المسهلة فغير صورتها أو أسماءها وجعلها غذاء للناس ، أو عمد إلى السموم القاتلة فغير أسماءها وصورتها وجعلها أدوية ، أو إلى الأغذية الصالحة فغير أسماءها وصورها ; كان ساعيا بالفساد في الطبيعة ، كما أن هذا ساع بالفساد في الشريعة ; فإن الشريعة للقلوب بمنزلة الغذاء والدواء للأبدان ، وإنما ذلك بحقائقها لا بأسمائها وصورها .

وبيان ذلك على وجه الإشارة أن الله سبحانه وتعالى حرم الربا والزنا وتوابعهما ووسائلهما ; لما في ذلك من الفساد ، وأباح البيع والنكاح وتوابعهما ; لأن ذلك مصلحة محضة ، ولا بد أن يكون بين الحلال والحرام فرق في الحقيقة ، وإلا لكان البيع مثل الربا والنكاح مثل الزنا ، ومعلوم أن الفرق في الصورة دون الحقيقة ملغى عند الله ورسوله في فطر عباده ; فإن الاعتبار بالمقاصد والمعاني في الأقوال والأفعال ، فإن الألفاظ إذا اختلفت ومعناها واحد كان حكمها واحدا ، فإذا اتفقت الألفاظ واختلفت المعاني كان حكمها مختلفا ، وكذلك الأعمال إذا اختلفت صورها واتفقت مقاصدها ، وعلى هذه القاعدة يبنى الأمر والنهي والثواب والعقاب ، ومن تأمل الشريعة علم بالاضطرار صحة هذا ; فالأمر المحتال به على المحرم صورته صورة الحلال ، وحقيقته ومقصوده حقيقة الحرام ; فلا يكون حلالا فلا يترتب عليه أحكام الحلال فيقع باطلا ، والأمر المحتال عليه حقيقته حقيقة الأمر الحرام وإن لم تكن صورته صورته ، فيجب أن يكون حراما لمشاركته للحرام في الحقيقة . [ ص: 144 ] ويا لله العجب ، أين القياس والنظر في المعاني المؤثرة وغير المؤثرة فرقا وجمعا ؟ والكلام في المناسبات ورعاية المصالح وتحقيق المناط وتنقيحه وتخريجه وإبطال قول من علق الأحكام بالأوصاف الطردية التي لا مناسبة بينها وبين الحكم ، فكيف يعلقه بالأوصاف المناسبة لضد الحكم ؟ وكيف يعلق الأحكام على مجرد الألفاظ والصور الظاهرة التي لا مناسبة بينها وبينها ويدع المعاني المناسبة المفضية لها التي ارتباطها بها كارتباط العلل العقلية بمعلولاتها ؟ والعجب منه كيف ينكر مع ذلك على أهل الظاهر المتمسكين بظواهر كتاب ربهم وسنة نبيهم حيث لا يقوم دليل يخالف الظاهر ثم يتمسك بظواهر أفعال المكلفين وأقوالهم حيث يعلم أن الباطن والقصد بخلاف ذلك ؟ ويعلم لو تأمل حق التأمل أن مقصود الشارع غير ذلك ، كما يقطع بأن مقصوده من إيجاب الزكاة سد خلة المساكين وذوي الحاجات وحصول المصالح التي أرادها بتخصيص هذه الأوصاف من حماية المسلمين والذب عن حوزة الإسلام ، فإذا أسقطها بالتحيل فقد خالف مقصود الشارع وحصل مقصود المتحيل ، والواجب الذي لا يجوز غيره أن يحصل مقصود الله ورسوله ويبطل مقاصد المتحيلين المخادعين ، وكذلك يعلم قطعا أنه

[ إنما ] حرم الربا لمن فيه من الضرر بالمحاويج ، وأن مقصوده إزالة هذه المفسدة ; فإذا أبيح التحيل على ذلك كان سعيا في إبطال مقصود الشارع وتحصيلا لمقصود المرابي ، وهذه سبيل جميع الحيل المتوسل بها إلى تحليل الحرام وإسقاط الواجب ، وبهذه الطريق تبطل جميعا ، ألا ترى أن المتحيل لإسقاط الاستبراء مبطل لمقصود الشارع من حكمة الاستبراء ومصلحته ; فالمعين [ له ] على ذلك مفوت لمقصود الشارع محصل لمقصود المتحيل ، وكذلك التحيل على إبطال حقوق المسلمين التي ملكهم إياها الشارع وجعلهم أحق بها من غيرهم إزالة لضررهم وتحصيلا لمصالحهم ; فلو أباح التحيل لإسقاطها لكان عدم إثباتها للمستحقين أولى وأقل ضررا من أن يثبتها ويوصي بها ويبالغ في تحصيلها ثم يشرع التحيل لإبطالها وإسقاطها ، وهل ذلك إلا بمنزلة من بنى بناء مشيدا وبالغ في إحكامه وإتقانه ، ثم عاد فنقضه ، وبمنزلة من أمر بإكرام رجل والمبالغة في بره والإحسان إليه وأداء حقوقه ، ثم أباح لمن أمره أن يتحيل بأنواع الحيل لإهانته وترك حقوقه ، ولهذا يسيء الكفار والمنافقون ومن في قلوبهم المرض الظن بالإسلام والشرع الذي بعث الله به رسوله حيث ظنوا أن هذه الحيل مما جاء به الرسول وعلموا مناقضتها للمصالح مناقضة ظاهرة ومنافاتها لحكمة الرب وعدله ورحمته وحمايته وصيانته لعباده ; فإنه نهاهم عما نهاهم عنه حمية وصيانة ، فكيف يبيح لهم الحيل على ما حماهم عنه ؟ وكيف يبيح لهم التحيل على إسقاط ما فرضه عليهم وعلى إضاعة الحقوق التي أحقها [ ص: 145 ] عليهم لبعضهم بعضا لقيام مصالح النوع الإنساني التي لا تتم إلا بما شرعه ؟

فهذه الشريعة شرعها الذي علم ما في ضمنها من المصالح والحكم والغايات المحمودة وما في خلافها من ضد ذلك ، وهذا أمر ثابت لها لذاتها وبائن من أمر الرب تبارك وتعالى بها ونهيه عنها ، فالمأمور به مصلحة وحسن في نفسه ، واكتسى بأمر الرب تعالى مصلحة وحسنا آخر ، فازداد حسنا بالأمر ومحبة الرب وطلبه له إلى حسنه في نفسه ، وكذلك المنهي عنه مفسدة وقبيح في نفسه ، وازداد بنهي الرب تعالى عنه وبغضه له وكراهيته له قبحا إلى قبحه ، وما كان هكذا لم يجز أن ينقلب حسنه قبحا بتغير الاسم والصورة مع بقاء الماهية والحقيقة ، ألا ترى أن الشارع صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله حرم بيع الثمار قبل بدو صلاحها لما فيه من مفسدة التشاحن والتشاجر ، ولما يؤدي إليه - إن منع الله الثمرة - من أكل مال أخيه بغير حق ظلما وعدوانا ، ومعلوم قطعا أن هذه المفسدة لا تزول بالتحيل على البيع قبل بدو الصلاح ; فإن الحيلة لا تؤثر في زوال هذه المفسدة ، ولا في تخفيفها ، ولا في زوال ذرة منها ; فمفسدة هذا العقد أمر ثابت له لنفسه ، فالحيلة إن لم تزده فسادا لم تزل فسادا ، وكذلك شرع الله تعالى الاستبراء لإزالة مفسدة اختلاط المياه وفساد الأنساب وسقي الإنسان بمائه زرع غيره ، وفي ذلك من المفاسد ما توجب العقول تحريمه لو لم تأت به شريعة ، ولهذا فطر الله الناس على استهجانه واستقباحه ، ويرون من أعظم الهجن أن يقوم هذا عن المرأة ويخلفه الآخر عليها ، ولهذا حرم نكاح الزانية وأوجب العدد والاستبراء ، ومن المعلوم قطعا أن هذه المفسدة لا تزول بالحيلة على إسقاط الاستبراء ، ولا تخف ، وكذلك شرع الحج إلى بيته لأنه قوام للناس في معاشهم ومعادهم ، ولو عطل البيت الحرام عاما واحدا عن الحج لما أمهل الناس ، ولعوجلوا بالعقوبة ، وتوعد من ملك الزاد والراحلة ولم يحج بالموت على غير الإسلام ، ومعلوم أن التحيل لإسقاطه لا يزيل مفسدة الترك ، ولو أن الناس كلهم تحيلوا لترك الحج والزكاة لبطلت فائدة هذين الفرضين العظيمين ، وارتفع من الأرض حكمهما بالكلية ، وقيل للناس : إن شئتم كلكم أن تتحيلوا لإسقاطهما فافعلوا ، فليتصور العبد ما في إسقاطهما من الفساد المضاد لشرع الله وإحسانه وحكمته .

وكذلك الحدود جعلها الله تعالى زواجر للنفوس وعقوبة ونكالا وتطهيرا ، فشرعها من أعظم مصالح العباد في المعاش والمعاد ، بل لا تتم سياسة ملك من ملوك الأرض إلا بزواجر وعقوبات لأرباب الجرائم ، ومعلوم ما في التحيل لإسقاطها من منافاة هذا الغرض وإبطاله وتسليط النفوس الشريرة على تلك الجنايات إذا علمت أن لها طريقا إلى إبطال عقوباتها فيها ، وأنها تسقط تلك العقوبات بأدنى الحيل ; فإنه لا فرق عندها ألبتة بين أن تعلم أنه لا عقوبة عليها فيها وبين أن تعلم أن [ ص: 146 ] لها عقوبة وأن لها إسقاطها بأدنى الحيل ، ولهذا احتاج البلد الذي تظهر فيه هذه الحيل إلى سياسة وال أو أمير يأخذ على يد الجناة ويكف شرهم عن الناس إذا لم يمكن أرباب الحيل أن يقوموا بذلك ، وهذا بخلاف الأزمنة والأمكنة التي قام الناس فيها بحقائق ما بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم ; فإنهم لم يحتاجوا معها إلى سياسة أمير ولا وال ، كما كان أهل المدينة في زمن الصحابة والتابعين وتابعيهم ، فإنهم كانوا يحدون بالرائحة وبالقيء وبالحبل وبظهور المسروق عند السارق ، ويقتلون في القسامة ، ويعاقبون أهل التهم ، ولا يقبلون الدعوى التي تكذبها العادة والعرف ، ولا يرون الحيل في شيء من الدين ويعاقبون أربابها ، ويحبسون في التهم حتى يتبين حال المتهم ، فإن ظهرت براءته خلوا سبيله ، وإن ظهر فجوره قرروه بالعقوبة اقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في عقوبة المتهمين وحبسهم ; فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم حبس في تهمة وعاقب في تهمة ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى من ذكر ذلك عنه وعن أصحابه ما فيه شفاء وكفاية وبيان لإغناء ما جاء به عن كل وال وسائس ، وأن شريعته التي هي شريعته لا يحتاج معها إلى غيرها ، وإنما يحتاج إلى غيرها من لم يحط بها علما أو لم يقم به عملا .

والمقصود أن ما في ضمن المحرمات من المفاسد والمأمورات من المصالح يمنع أن يشرع إليها التحيل بما يبيحها ويسقطها ، وأن ذلك مناقضة ظاهرة ، ألا ترى أنه بالغ في لعن المحلل للمفاسد الظاهرة والباطنة التي في التحليل التي يعجز البشر عن الإحاطة بتفاصيلها ; فالتحيل على صحة هذا النكاح بتقديم اشتراط التحليل عليه وإخلاء صلبه عنه إن لم يزد مفسدته فإنه لا يزيلها ولا يخففها ، وليس تحريمه والمبالغة في لعن فاعله تعبدا لا يعقل معناه ، بل هو معقول المعنى من محاسن الشريعة ، بل لا يمكن شريعة الإسلام ولا غيرها من شرائع الأنبياء أن تأتي بحيلة ; فالتحيل على وقوعه وصحته إبطال لغرض الشارع وتصحيح لغرض المتحيل المخادع .

وكذلك الشارع حرم الصيد في الإحرام وتوعد بالانتقام على من عاد إليه بعد التحريم ، لما فيه من المفسدة الموجبة لتحريمه وانتقام الرب من فاعله ، ومعلوم قطعا أن هذه المفسدة لا تزول بنصب الشباك له قبل الإحرام بلحظة ، فإذا وقع فيها حال الإحرام أخذه بعد الحل بلحظة ، فإباحته لمن فعل هذا إبطال لغرض الشارع الحكيم وتصحيح لغرض المخادع .

وكذلك إيجاب الشارع الكفارة على من وطئ في نهار رمضان فيه من المصلحة جبر وهن الصوم ، وزجر الواطئ ، وتكفير جرمه ، واستدراك فرطه ، وغير ذلك من المصالح [ ص: 147 ] التي علمها من شرع الكفارة وأحبها ورضيها ، فإباحة التحيل لإسقاطها بأن يتعدى قبل الجماع ثم يجامع نقض لغرض الشارع ، وإبطال له ، وإعمال لغرض الجاني المتحيل وتصحيح له ، ثم إن ذلك جناية على حق الله وحق العبيد ; فهو إضاعة للحقين وتفويت لهما .

وكذلك الشارع شرع حدود الجرائم التي تتقاضاها أشد تقاض لما في إهمال عقوباتها من مفاسد الدنيا والآخرة ، بحيث لا يمكن سياسة ملك ما من الملوك أن يخلو عن عقوباتها ألبتة ، ولا يقوم ملكه بذلك ، فالإذن في التحيل لإسقاطها بصورة العقد وغيره مع وجود تلك المفاسد بعينها أو أعظم منها نقض وإبطال لمقصود الشارع ، وتصحيح لمقصود الجاني ، وإغراء بالمفاسد ، وتسليط للنفوس على الشر .

ويا لله العجب ، كيف يجتمع في الشريعة تحريم الزنا والمبالغة في المنع منه وقتل فاعله شر القتلات وأقبحها وأشنعها وأشهرها ثم يسقط بالتحيل عليه بأن يستأجرها لذلك أو لغيره ثم يقضي غرضه منها ؟ وهل يعجز عن ذلك زان أبدا ؟ وهل في طباع ولاة الأمر أن يقبلوا قول الزاني : أنا استأجرتها للزنا ، أو استأجرتها لتطوي ثيابي ثم قضيت غرضي منها ، فلا يحل لك أن تقيم علي الحد ؟ وهل ركب الله في فطر الناس سقوط الحد عن هذه الجريمة التي هي من أعظم الجرائم إفسادا للفراش والأنساب بمثل هذا ؟ وهل يسقط الشارع الحكيم الحد عمن أراد أن ينكح أمه أو بنته أو أخته بأن يعقد عليها العقد ثم يطأها بعد ذلك ؟ وهل زاده صورة العقد المحرم إلا فجورا وإثما واستهزاء بدين الله وشرعه ولعبا بآياته ؟ فهل يليق به مع ذلك رفع هذه العقوبة عنه وإسقاطها بالحيلة التي فعلها مضمومة إلى فعل الفاحشة بأمه وابنته ؟ فأين القياس وذكر المناسبات والعلل المؤثرة والإنكار على الظاهرية ؟ فهل بلغوا بالتمسك بالظاهر عشر معشار هذا ؟ والذي يقضي منه العجب أن يقال : لا يعتد بخلاف المتمسكين بظاهر القرآن والسنة ، ويعتد بخلاف هؤلاء ، والله ورسوله منزه عن هذا الحكم .

ويا لله العجب ، كيف يسقط القطع عمن اعتاد سرقة أموال الناس وكلما أمسك معه المال المسروق قال : هذا ملكي ، والدار التي دخلتها داري ، والرجل الذي دخلت داره عبدي ؟ قال أرباب الحيل : فيسقط عنه الحد بدعوى ذلك ، فهل تأتي بهذا سياسة قط جائرة أو عادلة ، فضلا عن شريعة نبي من الأنبياء ، فضلا عن الشريعة التي هي أكمل شريعة طرقت العالم ؟ . [ ص: 148 ] وكذلك الشارع أوجب الإنفاق على الأقارب ; لما في ذلك من قيام مصالحهم ومصالح المنفق ، ولما في تركهم من إضاعتهم ; فالتحيل لإسقاط الواجب بالتمليك في الصورة مناقضة لغرض الشارع وتتميم لغرض الماكر المحتال ، وعود إلى نفس الفساد الذي قصد الشارع إعدامه بأقرب الطرق ، ولو تحيل هذا المخادع على إسقاط نفقة دوابه لهلكوا ، وكذلك ما فرضه الله تعالى للوارث من الميراث هو حق له جعله أولى من سائر الناس به ، فإباحة التحيل لإسقاطه بالإقرار بماله كله للأجنبي وإخراج الوارث مضادة لشرع الله ودينه ونقض لغرضه وإتمام لغرض المحتال ، وكذلك تعليم المرأة أن تقر بدين لأجنبي إذا أراد زوجها السفر بها .

التالي السابق


الخدمات العلمية