الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      [ ص: 231 ] إذا ثبت بطلان التحسين والتقبيح العقليين وتقرر أنه لا حاكم إلا الشرع ، فلنشرع في تبيين خطاب التكليف ، ثم خطاب الوضع ، فنقول : الخطاب إن اقتضى الفعل اقتضاء جازما فإيجاب ، أو غير جازم فندب . وإن اقتضى الترك جازما فتحريم أو غير جازم فكراهة ، وإن اقتضى التخيير فإباحة ، فالأحكام إذن خمسة هذا هو المشهور . ورأيت في تعليق " الشيخ أبي حامد في أول كتاب النكاح أنها ثلاثة : واجب ومحظور ومباح ، ولعله أراد بالواجب الطلب بالمحظور الممنوع ، وقيل : اثنان : حرام ومباح ، وفسرت الإباحة بنفي الحرج عن الإقدام على الفعل ، فيندرج الواجب والمندوب والمباح . وبقي شيئان : أحدهما : خلاف الأولى ، وهو قسم من أقسام المكروه ، لكن فرقوا بينهما بأن المكروه ما ورد فيه نهي مقصود وخلاف الأولى بخلافه ، فترك صلاة الضحى خلاف الأولى ، ولا يقال : مكروه ، والتقبيل للصائم مكروه . والصحيح : أن صوم عرفة للحاج خلاف الأولى لا مكروه وكذا الحجامة إن لم نقل تفطر ، وكذا تفصيل أعضاء العقيقة . [ ص: 232 ] قال في شرح المهذب " : والأصح : أنه غير مكروه ; لأنه لم يثبت فيه نهي مقصود . الثاني : أن من الأحكام ما لا يوصف بحل ولا حرمة ، كوطء الشبهة على أصح الوجوه الثلاثة مع أن لله فيها حكما .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية