الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      فرع

                                                      لو شرع في الصلاة في الوقت ، ثم أفسدها وأتى بها في الوقت .

                                                      قال القاضي الحسين والمتولي والروياني : يكون قضاء ، لأن بالشروع يضيق الوقت بدليل امتناع الخروج منها فلم يكن فعلها بعده إلا قضاء ، وهو قريب من قول القاضي أبي بكر فيما سبق .

                                                      وذكر ابن الرفعة أن في نص الأم إشارة إليه حيث منع الخروج بعد التلبس فقال : فإن خرج منها بلا عذر كان مفسدا آثما ، وظاهر كلام [ ص: 49 ] أكثر الأصوليين والفقهاء أنه لا ينسلب عنها اسم الأداء ، لبقاء الوقت المحدود شرعا ، وبه صرح صاحب التنبيه " في اللمع " فقال : فأما إذا دخل فيها فأفسدها نسي شرطا من شروطها فأعادها والوقت باق سمي إعادة وأداء . انتهى .

                                                      وأشار في شرحها إلى أن الخلاف لفظي ، وهو حق ، وبه يتضح أنه لا يسلم للقاضي الحسين وأتباعه دعواهم تفريعا على قولهم بالقضاء في مقيم شرع في الصلاة في البلد ، ثم أفسدها ، ثم سافر لا يقصر ، أو مسافر أتم واقتدى بمقيم ، ثم أفسد الصلاة لا يقضي إلا تماما بناء على منع قصر الفوائت ، بل الجاري على وفق الفقه القصر واستئناف الجمعة إذا وقع ذلك فيها ما بقي الوقت .

                                                      نعم . نقل في الشامل " عن نص الشافعي : إن أحرم مسافر بالصلاة ، وهو يجهل أن له قصرها ثم سلم من ركعتين وجب عليه قضاؤها ، لأنه عقدها أربعا ، فإذا سلم من ركعتين فيها فقد قصد إفسادها ، وظاهر هذا النص أنها تصير قضاء بإفسادها في الوقت ، ثم قال :

                                                      فرع : إذا أحرم ونوى الإتمام أو أحرم مطلقا ثم أفسدها وجب عليه قضاؤها تامة ، لأنه قد لزمه الإتمام بالدخول فيها ، وكل عبادة تلزم بالدخول فيها إذا أفسدها وجب عليه قضاؤها على الوجه الذي لزمه مع الإمكان ، كالحج ، ولا يلزم من أدرك الجمعة مع الإمام ثم أفسدها ، لأنه لا يمكنه فعلها بعد ذلك . ا هـ .

                                                      تنبيه

                                                      لا يجيء هذا البحث كله فيما إذا كان وقت القضاء موسعا كالمتروك [ ص: 50 ] بعذر فإذا شرع في قضائه تضيق عليه ، لأن القضاء لا يقضى ، والله أعلم .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية