الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وأما ما اختلف فيه فكالكفارات ، ودخول الوضوء في الغسل ، والمختار أن لا تداخل في الكفارات لأن التداخل على خلاف الأصل ، والأصل تعدد الأحكام بتعدد الأسباب ، وأولى الواجبات بالتداخل الحدود لأنها أسباب مهلكة والزجر يحصل بالواحد منها ، ألا ترى إيلاج الحشفة في الفرج موجبة للحد ولو تعدد الحد بالإيلاجات الواقعة بعد الإيلاجة الأولى لوجبت عليه حدود متعددة ، فإن قيل لم كررتم الحد إذا تخلل بين الرتبتين ؟ والقطع إذا تخلل بين السرقتين ؟ قلنا لما علمنا أن الحد الأول يزجره حين أقدم على الجريمة ثانيا ، جددنا عليه الحد إصلاحا له بالزجر وفطاما له عن المعاودة ، إذ لا يمكن إهماله بغير زاجر فإن إهماله مؤد إلى تكثير جرائم وتفويت مصلحة الزجر .

وأما دخول العمرة في الحج فإنه بعيد من قواعد العبادات فيقتصر فيه على حد وروده ، وشرط التداخل التماثل : فلا يدخل جلد في قطع ولا رجم ، وقد يقع التداخل في حقوق العباد وذلك في العدد إذا كانت العدتان لشخص واحد ، وإن كانا شخصين ففي التداخل خلاف بين العلماء .

وكذلك تدخل ديات الأطراف في دية النفس إذا فاتت قبل الاندمال لأن الجراحات قد صارت قتلا ، ولو قتله أجنبي لزمه دية لنفسه ووجبت دية الأطراف على قاطعها ، ولو قتله قاطع الأطراف فقد نص الشافعي رحمه الله على التداخل وفيه إشكال من قبل أن السراية قد [ ص: 253 ] انقطعت بالقتل فأشبه ما لو انقطعت بالاندمال ، وقد خالف ابن شريح الشافعي في ذلك وقوله متجه .

التالي السابق


الخدمات العلمية