الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              2208 9 - باب في البتة

                                                              178 \ 2121 - وعن عبد الله بن علي بن يزيد بن ركانة، عن أبيه، عن جده : أنه طلق امرأته البتة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما أردت إلا واحدة، قال : آلله ، قال : آلله، قال : هو على ما أردت .

                                                              وأخرجه الترمذي وابن ماجه . وقال الترمذي: لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وسألت محمدا - يعني البخاري - عن هذا الحديث؟ فقال: فيه اضطراب. وذكر الترمذي أيضا عن البخاري أنه مضطرب فيه: تارة قيل فيه: ثلاثا، وتارة قيل فيه: [ ص: 537 ] واحدة. وأصحه: أنه طلقها البتة، وأن الثلاث ذكرت فيه على المعنى. وقال أبو داود: حديث نافع بن عجير حديث صحيح. وفيما قاله نظر، فقد تقدم عن الإمام أحمد أن طرقه ضعيفة، وضعفه أيضا البخاري وقد وقع الاضطراب في إسناده ومتنه "

                                                              التالي السابق




                                                              قال ابن القيم رحمه الله: وفي "تاريخ البخاري" علي بن يزيد بن ركانة القرشي، عن أبيه، لم يصح حديثه . هذا لفظه. وقال عبد الحق في سنده: كلهم ضعيف، والزبير أضعفهم. وذكر الترمذي في "كتاب العلل"، عن البخاري أنه مضطرب فيه؛ تارة قيل فيه " ثلاثا " وتارة قيل فيه " واحدة ".

                                                              ثم ذكر الشيخ كلام الحافظ المنذري واعتراضه على أبي داود في تصحيحه.

                                                              ثم قال الشيخ: وفيما قاله المنذري نظر، فإن أبا داود لم يحكم بصحته، وإنما قال بعد روايته: "هذا أصح من حديث ابن جريج أنه طلق امرأته ثلاثا، لأنهم أهل بيته وهم أعلم بقصتهم وحديثهم". وهذا لا يدل على أن الحديث عنده صحيح، فإن حديث ابن جريج ضعيف، وهذا ضعيف [ ص: 538 ] أيضا، فهو أصح الضعيفين عنده، وكثيرا ما يطلق أهل الحديث هذه العبارة على أرجح الحديثين الضعيفين، وهو كثير في كلام المتقدمين.

                                                              ولو لم يكن اصطلاحا لهم لم تدل اللغة على إطلاق الصحة عليه، فإنك تقول لأحد المريضين: "هذا أصح من هذا"، ولا يدل على أنه صحيح مطلقا. والله أعلم.




                                                              الخدمات العلمية