الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              3164 باب الدفن بالليل

                                                              337 \ 3034 -عن جابر بن عبد الله قال رأى ناس نارا في المقبرة فأتوها [ ص: 357 ] فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر، وإذا هو يقول ناولوني صاحبكم، وإذا هو الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر

                                                              التالي السابق




                                                              قال ابن القيم رحمه الله: هذه النار كانت للإضاءة، ولهذا ترجم عليه أبو داود الدفن بالليل.

                                                              قال الإمام أحمد.

                                                              لا بأس بذلك، وقال: أبو بكر دفن ليلا، وعلي دفن فاطمة ليلا.

                                                              وحديث عائشة " سمعنا صوت المساحي من آخر الليل في دفن النبي صلى الله عليه وسلم ".

                                                              وممن دفن ليلا: عثمان، وعائشة، وابن مسعود.

                                                              ورخص فيه عقبة بن عامر، وابن المسيب، وعطاء، والثوري، والشافعي، وإسحاق.

                                                              [ ص: 358 ] وكرهه الحسن وأحمد في إحدى الروايتين.

                                                              وقد روى مسلم في صحيحه " أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوما، فذكر رجلا من أصحابه قبض، فكفن في كفن غير طائل، ودفن ليلا، فزجر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبر الرجل بالليل إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك ".

                                                              والآثار في جواز الدفن بالليل أكثر.

                                                              وفي الترمذي، من حديث الحجاج بن أرطاة عن عطاء عن ابن عباس " أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل قبرا ليلا، فأسرج له سراج، فأخذه من قبل القبلة، وقال: رحمك الله، إن كنت لأواها تلاء للقرآن، وكبر عليه أربعا " قال: وفي الباب عن جابر، ويزيد بن ثابت وهو أخو زيد أكبر منه، قال: وحديث ابن عباس حديث حسن.

                                                              قال: ورخص أكثر أهل العلم في الدفن بالليل، وقد نزل النبي صلى الله عليه وسلم في قبر ذي البجادين ليلا.

                                                              [ ص: 359 ] وفي صحيح البخاري: أن النبي صلى الله عليه وسلم " سأل عن رجل، فقال: من هذا ؟ قالوا فلان، دفن البارحة فصلى عليه ".

                                                              وهذه الآثار أكثر وأشهر من حديث مسلم.

                                                              وفي الصحيحين عن ابن عباس قال " مات إنسان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده، فمات بالليل فدفنوه ليلا، فلما أصبح أخبروه.

                                                              فقال: ما منعكم أن تعلموني ؟ فقالوا: كان الليل، وكرهنا - وكانت ظلمة - أن نشق عليك، فأتى قبره، فصلى عليه
                                                              ".

                                                              قيل: وحديث النهي محمول على الكراهة والتأديب.

                                                              والذي ينبغي أن يقال في ذلك - والله أعلم -: أنه متى كان الدفن ليلا لا يفوت به شيء من حقوق الميت والصلاة عليه، فلا بأس به، وعليه تدل أحاديث الجواز، وإن كان يفوت بذلك حقوقه والصلاة عليه وتمام القيام عليه، نهي عن ذلك، وعليه يدل الزجر، وبالله التوفيق.




                                                              الخدمات العلمية