الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم روي عن [ ص: 448 ] ابن عباس وغيره: أنها نزلت في التجارة في الحج؛ فإنهم كانوا يتحرجون منها فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام .

                                                                                                                                                                                                                                      قال مالك : إن مر بمزدلفة ولم ينزل؛ فعليه دم، فإن نزل بها ثم دفع منها بعد أن نزل؛ أجزأه، ولا دم عليه، وإن كان دفعه أول الليل، أو آخره، أو وسطه.

                                                                                                                                                                                                                                      الشافعي : إن خرج منها بعد نصف الليل؛ فلا شيء عليه، وإن خرج قبل نصف الليل؛ افتدي بشاة.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو حنيفة، وأصحابه، وغيرهم: إن لم يبت بها، ولم يقف بالمشعر الحرام؛ أهراق دما.

                                                                                                                                                                                                                                      الشعبي والنخعي : إن فاته الوقوف بها؛ فاته الحج.

                                                                                                                                                                                                                                      ومزدلفة كلها هي المشعر الحرام.

                                                                                                                                                                                                                                      وأمر الله تعالى بذكره عند المشعر الحرام ندب عند أكثر أهل العلم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس يعني: عرفة، عن عائشة رضي الله عنها، [ ص: 449 ] وابن عباس، وأكثر المفسرين؛ وذلك لأن قريشا كانت تقف بالمزدلفة، ويقف سائر الناس بعرفة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث يقف مع الناس بعرفة هداية من الله تعالى إياه، فأمرهم الله تعالى بالوقوف حيث يقف الناس، والإفاضة من حيث يفيضون.

                                                                                                                                                                                                                                      و (الناس) ههنا: العرب، وقيل: إبراهيم عليه السلام.

                                                                                                                                                                                                                                      و (ثم) محمولة على المعنى، كأن المعنى: أحرموا بالحج على ما بين لكم، ثم أفيضوا - يا معشر قريش - من حيث أفاض الناس بعد الوقوف بعرفة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إن (ثم) بمعنى الواو.

                                                                                                                                                                                                                                      الطبري : من قال: إن الإفاضة يعني بها: عرفات؛ ففي الكلام تقديم وتأخير، التقدير: (فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج، ثم أفيضوا - يا معشر قريش - من حيث أفاض الناس، واستغفروا الله إن الله غفور رحيم، وما تفعلوا من خير يعلمه الله...) إلى قوله: فاذكروا الله عند المشعر الحرام .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إن المراد بقوله: (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس): مزدلفة، فـ (ثم) - على هذا- على بابها.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا [ ص: 450 ] قال ابن عباس : كانت العرب إذا قضت مناسكها، وأقاموا بمنى؛ يقوم الرجل فيقول: اللهم إن أبي كان عظيم الجفنة، عظيم القبة، كثير المال، فأعطني مثل ما أعطيت أبي، فنزلت الآية في ذلك، [وهو إخبار عما كانوا يفعلون].

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية